أتفق جملة وتفصيلا مع ما قاله رئيس الحكومة سعد الدين العثماني عن كون ساكنة الصحراء تعيش في رغد من العيش وخاصة في مجال السكن حيث حدد أن نسبة 92٪ من الساكنة تمتلك منازلا وفيلات وشقق.
كما تعلمون، سعد الدين العثماني أحد قادة الحزب الإسلامي العدالة والتنمية، الحزب الذي صعد إلى الحكومة لعهدتين متتاليتين حاملا شعار الدين والإسلام، وكما تعلمون إخوتي فإن من أخلاق المسلم ألا يتحدث إلا بما رأى بعينه، وقد صدق العثماني فهو لم ينطق إلا بما رأته عيناه.
العثماني وغيره من المسؤولين عند زيارتهم للمدن الصحراوية هل تعتقدون أنهم يزورون أحياء الفقراء أو منازل المهمشين ؟ معاذ الله، يتم استقبالهم في أفخم الشقق والفنادق والفيلات، والفيلات، والفيلات، فلا يرون إلا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من الرقي والفخامة والعظمة والجلال والأبهة والحلل، أفخم المنازل وأرقى المأكولات، هل تريدون من العثماني أن يشهد شهادة الزور؟ معاذ الله.
عند افتتاح القنصليات، هل تعتقدون أن سعادة القنصل وفخامة الوزراء سيمرون من شارع سكيكيمة وحي معطى الله، أم حي أم التونسي و كسيكيسات، هل تظنونهم سيفتتحون قنصلية بحي التكساس؟ معاذ الله. لا يرى هؤلاء إلا أفخم الفيلات القابلة لأن تتحول بقدرة قادر إلى قنصلية تسر الناظرين، فيلات بجمال بنيانها وعصرنة فسيفسائها، هل سيشهدون بما لم ترى أعينهم؟ معاذ الله !
صدقت سيدي الرئيس، فكل سنة يموت العشرات من الساكنة غرقا في البحر لأن فيلاتهم وشققهم لم تعد تكفيهم، غادروا البلاد والعباد ممتطين قوارب الموت بحثا عن العمل لأن الجلوس بالفيلات والشقق والأرائك المريحة متعب للروح.
أخيرا، كما تعلم سيدي الرئيس وأنت دكتور نفساني، من طبيعة البشر الحركة والطموح المتجدد وإلا فإن الشخص الذي تتوفر له كل المغريات دون بذل الأسباب لها يصيبه بالملل والإكتئاب، وربما الانتحار، ولا أدل على ذلك أكثر من الدول الإسكندنافية التي تتصدر قائمة أحسن الدول على مستوى المعيشة والرفاهية، وللصدفة فهي تتوفر على أكثر نسب الإنتحار في العالم. ما يحصل بالدول الإسكندنافية هو ما يتخيل لك تماما سيدي الرئيس عندما تزور المناطق الصحراوية، معتقدا أن ما تسمع به من أخبار الهجرة السرية لأبناء الساكنة والإنتحار المتكرر ماهو إلا من فرط الرفاهية وحب تغيير الروتين.
كن على يقين سيدي الرئيس، أنه لو لم يكن الإنتحار حراما، لانتحر نصف ساكنة الصحراء من سواد المستقبل وسوء الأوضاع الإجتماعية بالمنطقة.
تقبل فائق احترامي سيدي الرئيس.