كشفت مجموعة ميتا العملاقة، الثّلاثاء 17 شتنبر 2024، أنّها أنشأت “حسابات للمراهقين”، من المفترض أن توفر حماية أفضل للمستخدمين القاصرين من المخاطر المرتبطة بتطبيق “إنستغرام” الذي تتّهمه جمعيّات وسلطات عِدّة بالإضرار بالصحّة العقليّة للشّباب.

وفي هذا الإطار، أوضحت نائبة رئيس المجموعة أنتيغون ديفيس، المسؤولة عن قضايا السّلامة في المجموعة التي تتّخذ مقرًّا في كاليفورنيا، لوكالة “فرانس برس”، أنّ “هذا التّحديث مهم ومصمّم لمنح الأهل راحة البال” على أبنائهم.

ومن حيث الجانب العلمي، سيكون لدى المستخدمين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا حسابات خاصّة بصورة تلقائيّة، مع قيود تتعلّق بالحسابات التي بإمكانها الإتّصال بهم والمحتوى الذي يمكنهم رؤيته.

وبالنّسبة للمراهقين الذين يريدون ملفًّا شخصيًّا عامًّا مع قيود أقل، لرغبتهم مثلاً في أن يصبحوا مؤثّرين، فسيحتاجون إلى الحصول على إذن من أولياء أمورهم، سواء كانوا مسجّلين بالفعل أو اِنضموا حديثًا إلى المنصّة.

وأضافت ديفيس: “هذا تغيير أساسي للتّأكّد من أنّنا نقوم بالأشياء بشكل جيّد حقًّا”.

وعلى هذا الأساس، سيتأتّى للبالغين الإشراف على أنشطة أطفالهم على الشّبكة الإجتماعيّة والتّصرّف وفق المقتضى، بما يشمل القدرة على حظر التّطبيق.

كما تعمل الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام وواتساب ومسنجر على تشديد قواعدها المتعلّقة بعمر المستخدمين.

وتابعت أنتيغون ديفيس: “ندرك أنّ المراهقين يمكن أن يكذبوا بشأن أعمارهم، خصوصًا لمحاولة التّحايل على وسائل الحماية هذه”. لكن مع التّحديث الجديد، إذا حاول أحد المراهقين تغيير تاريخ ميلاده، “سنطلب منه إثبات عمره”.

التّقيّد بالعمر

يتزايد الضّغط منذ عام على الشّركة الثّانية عالميًّا في مجال الإعلان الرّقمي ومنافسيها.

وفي أكتوبر الماضي، قدّمت نحو 40 ولاية أميركيّة شكوى ضدّ منصّات ميتا، متّهمةً إيّاها بالإضرار “بالصحّة النّفسيّة والجسديّة للشّباب”، بسبب مخاطر الإدمان أو المضايقات الإلكترونيّة أو الإضطرابات الغذائيّة.

ومن واشنطن إلى كانبيرا، يعمل مشرّعون على مشاريع قوانين لتحسين حماية الأطفال عبر الإنترنت. وبالنّسبة لأستراليا، فإنّها تعتزم قريبًا تحديد سِن قانونيّة دنيا لإستخدام شبكات التّواصل الإجتماعي، تتراوح بين 14 و16 عامًا.

ومن جانب ميتا، فإنّها ترفض، حاليًّا، فرض قواعد ترتبط بأعمار جميع مستخدميها، باسم إحترام السّريّة.

وقالت أنتيغون ديفيس: “إذا اكتشفنا أنّ شخصًا ما كذب بالتّأكيد بشأن عمره، فإنّنا نتدخّل، لكنّنا لا نريد إجبار ثلاثة مليارات شخص على تقديم هويّاتهم.

وأشارت إلى خيار أبسط وأكثر فعّاليّة، يتمثّل في التّحكّم في عمر المستخدمين على مستوى نظام التّشغيل المحمول للهواتف الذّكيّة، أي أندرويد (غوغل) وآي او اس (آبل).

وأضافت ديفيس: “لديهم معلومات مهمّة عن عمر المستخدمين”، وبالتّالي يمكنهم “مشاركتها مع جميع التّطبيقات التي يستخدمها المراهقون”.

الضّحايا

مع ذلك، ليس من المؤكّد أنّ هذا التّعزيز لوسائل الحماية الحاليّة سيكون كافيًا لطمأنة الحكومات والمنظّمات القلقة على التّأثيرات السّلبيّة للشّبكات الإجتماعيّة على القاصرين.

وبشأن ذلك، قال المحامي ماثيو بيرغمان: “إنّ إنستغرام يسبّب الإدمان. التّطبيق يقود الأطفال إلى دوّامة جهنّميّة، حيث لا يظهر لهم ما يريدون رؤيته، بل ما لا يمكنهم إزاحة نظرهم عنه”.

وأسّس بيرغمان منظّمة عام 2021، وذلك للدّفاع عن “ضحايا شبكات التّواصل الإجتماعي” أمام المحكمة. وهي تمثّل على وجه الخصوص 200 والد اِنتحر أبناء لهم “بعد أن جرى تشجيعهم على ذلك من خلال مقاطع فيديو أوصيَ بها لهم عبر إنستغرام أو تيك توك”.

واستشهد ماثيو بيرغمان، أيضًا، بحالات عِدّة أصيبت فيها فتيات صغيرات باضطرابات خطِرة في الأكل. تمنع ميتا، بالفعل، التّرويج للأنظمة الغذائيّة المتطرّفة على منصّاتها، في إطار إجراءات اِتّخذتها في السّنوات الأخيرة.

وقال المحامي: “هذه خطوات صغيرة في الإتّجاه الصّحيح، ولكن هناك الكثير ممّا يجب القيام به”.

وفي يونيو، دعا كبير الأطبّاء في الولايات المتّحدة إلى إجبار شبكات التّواصل الإجتماعي، على عرض معلومات حول المخاطر التي يواجهها القاصرون، بما يشبه رسائل الوقاية على علب السّجائر.

هذا، وخلال جلسة إستماع أمام الكونغرس الأميركي في نهاية يناير، قدّم رئيس ميتا مارك زاكربرغ إعتذارًا نادرًا لأهالي الضّحايا، متوجّها إليهم بالقول “أنا آسف لكل ما مررتم به”.