وسط ضغوط داخليّة لإعادة الهيكلة والتّحديث، تجد شركة الخطوط الجوية الجزائرية نفسها أمام أزمة دبلوماسية متصاعدة مع فرنسا، بعد تهديدات صادرة عن السياسي الفرنسي برونو ريتايو، الذي لوّح بفرض عقوبات على الشركة، متّهماً إياها بعرقلة عمليات ترحيل الجزائريين غير النظاميين من فرنسا، في خطوة تزيد من تعقيد العلاقات الثنائية بين البلدين.
وتعمل الحكومة الجزائرية على تحسين قطاع الطيران من خلال تحديث خدمات الخطوط الجوية الجزائرية وإطلاق شركة جديدة للنقل الجوي الداخلي، في إطار خطة شاملة لتطوير البنية التحتية للنقل الجوي وتعزيز الربحية. غير أن هذه الجهود تصطدم بتحديات تشغيلية داخلية، إلى جانب الضغوط السياسية المتزايدة من باريس، التي تعتبر أن الشركة الجزائرية تضع عراقيل إضافية أمام تنفيذ قرارات الترحيل.
وخلال اجتماع تقني عقده وزير النقل الجزائري سعيد صياود مع مسؤولي قطاع الطيران، تم التأكيد على ضرورة تسريع تنفيذ مشاريع التحديث، في وقت تسعى فيه الجزائر إلى تحويل مطارها الدولي إلى مركز إقليمي رئيسي، من خلال تحسين إدارة تدفق المسافرين وتطوير الخدمات الجوية.
لكن في ظل هذه الجهود، جاءت تصريحات برونو ريتايو لتفتح جبهة مواجهة جديدة، حيث زعم أن الخطوط الجوية الجزائرية تفرض شروطاً معقدة على المرحّلين، مثل اشتراط تصاريح مرور قنصلية رغم امتلاكهم وثائق رسمية سارية المفعول. واستند في ذلك إلى مذكرة داخلية لوزارة الداخلية الفرنسية، تؤكد أن الشركة الجزائرية تعيق عمليات الترحيل، ما دفع باريس إلى التلويح بإجراءات أكثر صرامة ضدها.ذ
وفي هذا السّياق، طلب ريتايو من سلطات بلاده إلزام الخطوط الجوية الجزائرية بتقديم وثيقة رسمية توضح أسباب رفضها نقل أي شخص في وضع غير قانوني، مع التهديد بمتابعة المسؤولين عن هذه القرارات. هذه التطورات تأتي في سياق توترات دبلوماسية متزايدة بين البلدين، حيث تتهم باريس الجزائر بعدم التعاون الكافي في ملف الهجرة، بينما ترى الجزائر أن فرنسا تمارس ضغوطاً أحادية الجانب دون مراعاة العوامل السياسية والاجتماعية المرتبطة بالملف.
ومع تصاعد التّوترات، يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معضلة حقيقية بين السعي لتهدئة العلاقات مع الجزائر، حفاظاً على المصالح الاقتصادية والأمنية، وبين مواجهة ضغوط داخلية من تيارات سياسية تطالب باتخاذ موقف أكثر تشدداً. وفي ظل هذا الوضع، تبقى الخطوط الجوية الجزائرية بين مطرقة الضغوط الفرنسية وسندان التحديات الداخلية، في انتظار ما ستؤول إليه هذه المواجهة الدبلوماسية المعقّدة.