خلق تقرير مجلس حقوق الإنسان، التّابع للأمم المُتّحدة، نقطة تحوّل درامية، في مسار قضية اعتقال الصّحافي “توفيق بوعشرين” إعلاميّاً، الرّجل الذي تمّت إدانتهُ من بـ12 سنة نافذة، من قبل محكمة بالدار البيضاء، بتهم ثقيلة تتضمن الإتجار بالبشر، لم تستفز على طول أمد تداولها أيّ ردود فعل رسميّة، كما كان مع الرأي الأممي الذي وجد في مسؤولين من مراتب عليا موضعاً للإستغراب و المفاجئة.
التّقرير الصادر عن المنظمة الأممية، صدر بعد عمل مطوّل، باشره الفريق الأممي المعني بالإعتقال التعسّفي، دعا السّلطات المغربية، إلى إطلاق سراح سريع للصّحافي المُعتقل، معتبراً إحتجازه و إدانته ” مخالفاً للقانون، ووجبَ تعويضه مالياً عن الأضرار التي لحقت به”.
إحدى فقرات التّقرير لمّحت أيضاً إلى أنّ : “حرمان الصّحافي توفيق بوعشرين من الحريّة تعسّفي ويتعارض مع المواد 09 و14 و19 من الميثاق الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة”، تضيف المسودّة المنشورة على موقع الفريق الأممي و التي اطّلعت عليها “أخبار تايم”.
أربعة عشر صفحةً و أربعٍ و ثمانين فقرة، تحدّثت عن قضية “توفيق بوعشرين”، وحثّت على “ضمان إجراء تحقيق شامل ومستقل في ظروف حرمان بوعشرين من حريته تعسفياً، واتّخاذ الإجراءات الضرورية ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقه”.
حديث أخرج عدد من أرفع المسؤولين الحكومين عن صمتهم إزاء الملف، أولائك الذين لم يسبق لأغلبهم التحدث عن قضيّة “بوعشرين”، منذ أول لحظات الاعتقال وحتى صدور الحكم، ربما احتراماً لاستقلالية المسار القضائي. أوّل هؤلاء السيد “محمد أوجار”، وزير العدل، الذي أكد أمس الأربعاء، أن : “الحكومة أخذت علما و باندهاش كبير الرأي الصادر عن فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي بخصوص ملف “توفيق بوعشرين”.
مضيفاً أن “اندهاش” الحكومة ” نابع من “الإيمان القوي بأهمية آليات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان وأهمية التعاون معها”، وهو ما يعكسه حسب ذات المصدر: “تقديمها للمعطيات والملاحظات اللازمة بخصوص الشكاية موضوع هذا الملف”.
بين من يتهمون مناصري براءة “بوعشرين” بخيارات “الاستقواء بالخارج”، و بين من يرون أن الضغط على الداخل، لن ينال من سلطة القضاء في قضية جنائية داخلية، تبقى “الحقيقة” مثار تساؤل و بحث دائم، إذا ما ربطناها بسياق مضطرد و إلتزامات حقوقية عالمية و كونية.
فـ”بوعشرين” ليس الملف مثار الجدل وحيداً، بل يسيل لعاب الهيئات الحقوقية الدولية، كلما تعلق الأمر بملفات أخرى لقضايا مماثلة، كما هو الحال في قضية “معتقلي حراك الريف” و الصحفي الآخر “حميد المهداوي”.