كشفت نتائج استشارة أنجزها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن سيادة نظرة إيجابية إزاء العمل عن بُعد لدى المغاربة، مقابل تسجيل تحفظ على بعض مناحي هذا النمط من العمل الذي برز بشكل كبير خلال فترة جائحة كورونا.
وأظهرت نتائج الاستشارة التي تم إطلاقها عبر المنصة الرقمية “أُشارك”، للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلال الفترة من 8 إلى 29 أبريل الماضي، أن 81.57 في المائة من المشاركين يرون أن العمل عن بعد يمثل فرصة لتوفير الوقت والمال المخصصين للتنقل.
واعتبر نصف المشاركين في الاستطلاع أن من إيجابيات العمل عن بعد، كذلك أنه مكّنهم من تقليص درجة التوتر (56.46 في المائة)، واكتساب مزيد من الاستقلالية في تدبير المهام المنوطة بهم (44.14 في المائة)، كما مكّنهم من التركيز في عملهم بشكل أفضل (55.57 في المائة).
ومقابل ذلك، اعتبر حوالي 61 في المائة من المشاركين في الاستطلاع، وعددهم 27638 مشاركا، أن ساعات العمل غير المحدودة تمثل إحدى سلبيات العمل عن بعد، يليها تداخل الحياة المهنية والحياة الخاصة، وفق رأي 50 في المائة من المشاركين؛ بينما أشار 26.5 في المائة إلى الصعوبات المرتبطة بالتأطير والتوجيه، واعتبر 26.2 في المائة الشعورَ بالعزلة عن بيئة العمل من صعوبات هذا العمل.
وبلغت نسبة المشاركين الذين أكدوا أنهم سبق لهم خوض تجربة العمل عن بعد 74 في المائة، حوالي 14 في المائة منهم قبل فترة انتشار “كوفيد”، وأكثر من 71 في المائة خلال فترة الحجر الصحي، مقابل 15 في المائة فقط صرحوا بأنهم عملوا عن بعد عقب ذلك.
ورغم أن العمل عن بعد في المغرب لم يبرز بقوة إلا بعد ظهور جائحة فيروس كورونا، واعتماد الحجر الصحي، فإن نتائج استطلاع المجلس الاقتصادي والاجتماعي أظهرت أن نسبة كبيرة من المغاربة يَعتبرون هذا النمط “قائمَ الذات”، وهو ما عبّر عنه 63.87 في المائة من المستجوبين.
ولم تتعد نسبة الذين يروْن أن هذا النوع من العمل “خيار مؤقت يمكن اللجوء إليه في حالات القوة القاهرة” 24.21 في المائة؛ بينما اعتبر 11.91 في المائة من المشاركين أنه “طريقة للمكوث في البيت”.
وتسود نظرة إيجابية لدى المغاربة إزاء العمل عن بعد مستقبلا، إذ يتوقع 89 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أنه سيفرض نفسه كنمط جديد من العمل بالمغرب، 64.4 في المائة منهم يرون أن هذه الصيغة يجب أن تمارس بالتناوب مع العمل الحضوري؛ بينما يفيد 35.6 في المائة من المشاركين بأن العمل عن بعد تتعين ممارسته طيلة أيام العمل.
وأكدت نتائجُ استطلاع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خلاصات دراسات سابقة حول العمل عن بعد، في الشق المتعلق بتوفير المؤسسات مستلزمات العمل عن بعد للعمال والموظفين، والربط بشبكة الأنترنيت.
وصرح 64 في المائة من المشاركين بأنهم كان عليهم تحمل مصاريف اقتناء مستلزمات العمل عن بعد لممارسة هذا النمط من العمل، بينما أشار 81 في المائة منهم إلى أنهم تحملوا مصاريف الربط بشبكة الأنترنيت من أجل القيام بالعمل عن بعد؛ في حين تكلف حوالي 66 و55 في المائة على التوالي من المشاركين بمصاريف تهيئة فضاءات مخصصة للعمل واقتناء معدات معلوماتية مناسبة.
وبخصوص التدابير التي ينبغي اتخاذها لتطوير العمل عن بعد مستقبلا، اقترح 77.1 في المائة من المشاركين وضع إطار تنظيمي ملائم، في حين أوصى 64.2 في المائة بتحمل المشغل التكاليف المتعلقة بمزاولة العمل.
وأشار المشاركون إلى إجراءات أخرى يرون أنه ينبغي اتخاذها، لاسيما التكوين في استخدام المعدات التقنية والأدوات الرقمية اللازمة للعمل عن بعد، بحسب رأي 61.7 في المائة منهم، بينما نادى 60 في المائة بإرساء منظومة للتأمين ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية المرتبطة بنمط العمل عن بعد.