بعد أن غادرت لائحة الأطراف المباشرين في ملف الصحراء، بانسحابها من من الداخلة وادي الذهب في العام 1979، أعلنت نواشكوط تبنيها كطرف مراقب مبدأ الحياد، لكن ولكنها تملك إتفاقية سلام موقعة مع جبهة البوليساريو، حملت اعترافاً منقوص من أي تمثيل دبلوماسي رسمي، وجدت الجارة الجنوبية نفسها أمام اختبار حقيقي في أزمة المعبر الحدودي الكركارات، فطيلة الأسابيع الثلاث التي أغلق المعبر فيها من عناصر تابعة للجبهة، لم تصدر السلطات الموريتانية أي رد فعل رسمي تجاه وقف الشريان الحيوي الرابط بينها و المغرب، عندما يتعلق الأمر بحركة البضائع والأفراد شمالاً حيث الامتداد المغاربي و الأوروبي.
لعبت موريتانيا دور المراقب فعلاً، قبل أن تجنح كما أغلب المواقف الدولية إلى تبني خطاب التهدئة و الدعوة لضبط النفس، إلى أن جاءت المبادرة الملكية في اتصال مباشر مع الرئيس محمد ول الغوزواني، عبر فيه عن استعداده لزيارة الجمهورية الإسلامية، و توطيد أواصر التعاون و الأخوة التي أصابها شيء من الفتور منذ وصول نظام الرئيس الأسبق محمد ول عبد العزيز للسلطة عام 2009.
يومين بعد ذلك يستقبل الرئيس الموريتاني قيادين من جبهة البوليساريو، تسلم خلالها رسالة تطلعه على وجه نظر الجبهة في التطورات الجديدة، تناولها الإعلام في ظل فرصة سانحة لإيجاد مسار تهدئة على الأرض.
المتخصص في قضايا الإعلام، و رئيس الوطني للإعلام و حقوق الإنسان، الأستاذ الجامعي إبراهيم الشعبي، يرى أن موقع الشقيقة والصديقة موريتانيا لم يكُن حياديًا في يوم من الأيام، بحيث أن هناك إعترافٌ بجبهة البوليساريو كمخاطب، من حيث تبادل الرسائل ووجود مواقف دبلوماسية و إن كانت منقوصة،
و بحسب الشعبي، فإن ما تقوم به موريتانيا يُعتبر إنحيازًا وميلأً، فالحياد الإيجابي ليس حيادًا بالمعنى السياسي، الذي يحيل بشكل مباشر على عدم الإنحياز أول الميل في الموقف لطرفٍ على حساب الأخر.
ذات المتحدث لا ينكر أن هناك تطوراً وتقدماً محرزين بشكل واضح في السياسة الخارجية لموريتانيا، خاصة على مستوى بعض التصحريات لبعض القياديين والزيارة المرتقبة للعاهل المغربي التي من شأنها أن تقوي العلاقة لا محالة.
أما بخصوص توقعات تطور موقف نواكشوط الشقيقة إلى مواقف متقدمة وأكثر وضوحاً، فانسجامًا مع كونها دولةً صديقةً وشقيقةً تُعتبر أحد أعمدة المغرب الكبير الخمسة إلى جانب المملكة المغربية والجزائر وتونس وليبيا، ينتظر أن تحمل الزيارات المقبلة بين زعيم البلدين، وضع أجندة واضحة المعالم للعمل المشترك يضيف الأستاذ إبراهيم الشعبي.