في إطار الصّراع المتصاعد على المواقع القيادية داخل الإتّحاد الإفريقي، بدأت ملامح التّحالفات بين القوى الكبرى تتّضح بشكل متسارع. الجزائر وإثيوبيا من جهة، والمغرب ومصر من جهة أخرى، باتت القوى الرّئيسيّة التي تحدّد وجهة الإتّحاد، مدعومة من دول أخرى داخل القارة، بالإضافة إلى قوى خارجيّة لها مصالح إستراتيجيّة في المنطقة.

الإنتخابات المرتقبة اليوم لإختيار نائبة رئيس المفوضيّة الإفريقيّة ستكون إختبارًا حاسمًا لهذا الصّراع، إذ أعلنت الجزائر رسميّاً عن دعمها الكامل لإثيوبيا، في خطوة تستهدف مواجهة مصر التي سعت لتقديم مرشّحة بديلة، وهو ما يُظهر تصاعد التّوتّرات بين الطّرفيْن.

وفي هذا السّياق، لفتت زيارة الرّئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إثيوبيا الأضواء، حيث أبدت وسائل الإعلام الجزائريّة إهتمامًا بالغًا بهذه الزّيارة، رغم أن تبون لم يحظَ باستقبال رسمي رفيع المستوى لدى وصوله. لكن الأمور تبدّلت في اليوم التّالي، حيث قام رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد باستقبال تبون بشكل شخصي، في دلالة على تحالف جديد بين البلديْن، الأمر الذي تأكّد أكثر بعد اللّقاء الذي جمع بينهما.

الغضب الجزائري لم يكن خفيًّا بعد القرار المصري المفاجئ بعدم دعم مرشّحة الجزائر لمنصب نائبة رئيس المفوضيّة، وتحويل الدّعم إلى مرشّحة مصريّة. هذا التّراجع من قِبل القاهرة جاء بمثابة صدمة في الجزائر، التي سارعت وسائل إعلامها المقرّبة من السّلطة للإعراب عن اِستيائها من هذا التّحوّل المفاجئ في المواقف.

على صعيد آخر، ظلّ التّوتّر حول سد النّهضة مستمرًّا، حيث لم يُخفِ الإعلام الجزائري تقارب بلاده مع إثيوبيا على حساب مصر، في وقت تتزايد فيه المخاوف من اِنعكاسات أزمة المياه على الأمن المصري.

في المقابل، تتقارب ملامح تحالف مغربي مصري، قد يُفضي إلى توافق حول المناصب القياديّة في الإتّحاد الإفريقي، خاصّةً منصب نائبة رئيس المفوضيّة الذي تُرشّح له المغرب، لطيفة أخرباش. هذا التّحالف يبدو أنّه يحظى بدعم كبير من دول مجلس التّعاون الخليجي وبعض الدّول العربيّة، التي تسعى لدعم الإستقرار في المنطقة الإفريقيّة.

وتكشفت الصّورة بشكل أكبر مع مغادرة الرّئيس الجزائري إثيوبيا قبل التّصويت على نائبة رئيس المفوضيّة، إضافة إلى غيابه عن الجلسة الختامية للقمّة، بحيث تمّ استبداله بوزيرة البيئة الجزائريّة، في خطوة رمزيّة قد تعكس تداعيات هذا الصّراع الدّبلوماسي المتصاعد.