قدم محمد وزير الخارجية الموريتاني والرئيس الحالي للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بموريتانيا، فال ولد بلال، مقترح وساطة أخوية حول ملف الصحراء بين أطراف النزاع، معتبرا أن الأمم المتحدة وحدها لن تكون قادرة على إيجاد حل شامل ونهائي بطريقة العمل المتبعة منذ عقود، حسب رأيه.
وقال المسؤول الموريتاني في تدوينة له، أنه “على إثر حالة التوتر والاضطرابات المتكررة عند الكركرات والتي عشنا أحد فصولها في الأيام الماضية، قلت في نفسي: هل لا ينبغي البحث عن حل في الصحراء بالتفاوض عبر طرق ومناهج مكملة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي؟”.
وأوضح ولد بلال أنه “بناء على ما تقدم وطبقا لمعرفتي بالتقاليد والعادات والقيم الثقافية لنا كشعوب، فأني على يقين من أن “الوساطة الداخلية” ستكون أجدى وأنفع وأكثر قدرة على تقريب وجهات النظر من لقاءات مفتوحة برعاية الأمم المتحدة، غير ملزِمة ولا ملزَمة بانضباط أو سرية أو تحقيق نتائج”.
واستبعد تدخل الأمم المتحدة لفرض تسوية على أي من الأطراف دون أي سند قانوني، كما استبعد قيام أي من الدول الكبرى بالمجازفة بمصالحها الخاصة وإلحاق الضرر بعلاقتها مع أي طرف من الأطراف دون مقابل جوهري، فقط لحل نزاع “أخوي” يمكن لأطرافه تسويته في يوم أو يومين متى توفرت لديهم إرادة ذلك.
وأشار إلى أنه يعني بالوساطة الداخلية “وساطة سرية وطوعية ومدنية غير مصنفة تقوم بها شخصيات اعتبارية محترمة وزكية وجديرة بالثقة من كل الأطراف المعنية والمهتمة”.
واعتبر أنه “لا شك في أن تحركا من هذا النوع سيكون فرصة لعقلاء الجهات الأربع تمكنهم من توظيف القيم التقليدية الخاصة بشعوبنا قديمِها الموروث عن الأسلاف وجديدها وحديثها بدءا بالأصالة والتسامح والحوار والانفتاح على الغير وكرم الضيافة وحسن الجوار وصلة الأرحام”.
وأشار إلى أن هذه القيم التقليدية هي “أثمن كنز نمتلكه معا عبر المغرب العربي خاصة وأفريقيا عامة”، متسائلا: “ألسنا نحن من اخترع آلية “التّصراب” لحل النزاعات، وهي آلية ومقاربة عبقرية كانت منهجا لإنهاء حروب قاسية وطويلة، وحلّ نزاعات خطيرة، وتجاوز صعوبات وعقبات شديدة”.
وتابع: “لماذا لا نحاول اليوم مبادرة دبلوماسية مغاربية مستوحاة من قيمنا الأصيلة وباستخدام طرقنا ووسائلنا الخاصة التي من شأنها أن تدعم أو تكمل جهود الأمم المتحدة؟ سيرى البعض في هذا المنشور مجرد كلام رجعي وأحمق ومتخلف، وفي أحسن الأحوال ترف فكري وأضغاث أحلام”.
واسترسل قائلا: “إلاّ أنني أحتفظ به لاعتقادي أننا نستطيع البحث بأنفسنا عن حل مشاكلنا اعتمادا على قدراتنا وكفاءاتنا وخبراتنا الذاتية، وأن لنا موروثا سياسيًا وفكريًا وأخلاقيًا وإنسانيًا خصبا نستطيع به حل كل النزاعات، لو أننا اعتمدنا عليه وحرَّكنا زنده”.
وفي نفس السياق، يرى مسؤول الديبلوماسية الموريتانية سابقا، أن هذا الملف جاثم على صدر الأمم المتحدة وبين أيديها منذ عقود، حيث تعاقب 6 أمناء عامون على رأس المنظمة، ومعهم نفس العدد تقريبا من المبعوثين الخاصين وممثلي الأمين العام جالوا في المنطقة طولا وعرضا”.
وأضاف أنه أنشئت “المينورسو” وتم التجديد والتمديد لها باستمرار على مدى 3 عقود بلا انقطاع، كما تم تنظيم سلسلة لقاءات مباشرة وغير مباشرة بين الأطراف المعنية والمهتمة الأربعة، وانعقدت عدة لقاءات خاصةً وجها لوجه بين طرفي النزاع الرئيسيين في أكثر من مكان.
وقال في هذا الصدد: “لا شك في أن العمل الجبار الذي قامت به الأمم المتحدة والنتائج المهمة التي حققتها حتى الآن تستحق منا الإشادة والاحترام، ولكن، وبالنظر إلى الوضع الراهن من حقنا أن نتساءل هل هي كافية؟ هل تفضي لقاءات الأمم المتحدة إلى حل شامل؟ هل سبق في التاريخ أن كتب النجاح لمفاوضات مفتوحة على غرار ما يجري منذ عقود بشأن الصحراء برعاية الأمم المتحدة؟”.
وتساءل في نفس السياق: “هل رأيتم الأمم المتحدة توصلت إلى حل أو تمكنت من حسم نزاع واحد أو صراع أو خلاف طيلة العقود الماضية دون اللجوء إلى الفصل 7؟ وطالما أن مشكلة الصحراء مصنّفة تحت المادة 6، فهل لنا أن نتوقع حلًا سحريًا تأتي به الأمم المتحدة دون جهد خاص من الأطراف المتنازعة نفسها؟