صدر حديثا ضمن منشورات المجلة المغربية للدراسات الدولية والاستراتيجية، مؤلف جماعي تحت عنوان “الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية.. حل سياسي واقعي لإنهاء النزاع المفتعل”.
ويتضمن هذا المؤلف، الذي تم إعداده تحت إشراف رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، ستة فصول تتضمن مساهمات ثلة من الخبراء والمتخصصين من مختلف الجامعات المغربية، الذين قاموا بإعادة تحليل المسار الأممي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، من أجل الوقوف على ثغراته وعثراته.
وجاء في موجز هذا المؤلف: “بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء، وتزامنا مع الدينامية السياسية التي يعرفها ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، سواء عبر تزايد الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، (…) وكذلك، بالتزامن مع قرار مجلس الأمن الأخير (2602) الذي شكل استمرارية للمسار الأممي منذ سنة 2007 (…)، ومحاولة منها التفاعل ومواكبة هذه الدينامية، وإيمانا منها بالدور المنوط بالبحث العلمي قصد الانخراط بشكل فعال في الترافع عن القضايا الاستراتيجية لبلادنا، حاولت المجلة المغربية للدراسات الدولية والاستراتيجية أن توفر من خلال هذا المؤلف الجماعي مرجعا شاملا يهتدي إليه كل مهتم بهذا الملف، يرصد من خلاله أهمية المبادرة المغربية” للحكم الذاتي.
وتضمن الفصل الأول المعنون بـ”تقرير المصير: بين وهم الانفصال وواقعية الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية المغربية”، معالجة متميزة للأستاذ محمد بنحمو لمبدأ تقرير المصير في أضيق معانيه، والذي عادة ما يؤخذ ليشمل الحق في الانفصال مجادلة، معتبرا أن تطبيقات هذا المبدأ في النزاعات المعاصرة لا تبقى وحسب خيارا غير واقعي، بل وتجلب نتائج تدميرية واسعة النطاق تطال حرية الشعوب موضوع التقرير وحقوقها الأساسية، بقدر تقويضها للأمن والسلم الإقليميين.
أما الفصل الثاني بعنوان “المحطات الكبرى في تطور قضية الصحراء المغربية أمام الأمم المتحدة”، فقد حاول من خلاله الأستاذ رشيد المرزکیوي رصد أهم المراحل التي عرفها ملف النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، في علاقتها بالمساعي الأممية لإيجاد حل نهائي ودائم، مستحضرا التطورات الأخيرة التي عرفها الملف، وأهمية القرارات الصادرة عن مجلس الأمن منذ 2017، وتثمينه للمبادرة المغربية التي اعتبرها ذات مصداقية وواقعية.
وتطرق هذا الفصل أيضا لتقييم للدبلوماسية المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس والتي أسفرت عن تحقيق نجاحات مهمة في هذا الصدد، منها اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، وكذا افتتاح العديد من القنصليات بالأقاليم الجنوبية.
وفي الفصل الثالث، حاولت الأستاذة نوال بهدين التي عنونت مساهمتها بـ “الأدوار الأممية لإنهاء نزاع الصحراء المفتعل بين واقعية المبادرة المغربية والعرقلة الجزائرية”، الوقوف على دور الجزائر كطرف رئيسي في هذا النزاع على طول المسار الأممي الساعي لإنهاء هذا النزاع، ورغبتها في تحقيق طموحات قديمة في زعزعة الوحدة الترابية للمغرب، ما حكم على جميع المبادرات و المساعي الحميدة لإنهاء النزاع بالفشل.
ورصد الفصل الرابع المسار الأممي لإنهاء هذا النزاع، حيث توقف الأستاذ حکیم التوزاني في مساهمته حول “قضية الصحراء المغربية: مسار التطور ومسيرة الارتقاء في أروقة الأمم المتحدة من بداية الاهتمام الى نهاية الاقتراح”، بكثير من التفصيل في جزئيات وثنايا جميع المبادرات الأممية التي أغفلت أهم عنصر في سعيها من أجل إنهاء هذا النزاع عن طريق مبدأ تقرير المصير، الذي حاولت الأطراف المعادية للوحدة الترابية للمغرب ربطه بشكل تعسفي بالانفصال، ما ساهم في إطالة أمد النزاع وحال دون تحقيق المبادرات الأممية لأي تقدم على أرض الواقع، في مقابل انسجام مبدأ تقرير المصير مع المبادرة المغربية التي قدمت حلا نهائيا للنزاع المفتعل عبر منح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية لتدبير شؤونها تحت السيادة المغربية.
أما الفصل الخامس، فقد حاول الأستاذ محمد بوبوش، من خلال مساهمة تحت عنوان “مقترح الحكم الذاتي المغربي في إطار القانون الدولي العام”، معالجة المبادرة التي قدمها المغرب لمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية للمملكة.
وتوقف عند التحول الجذري في القضية مع اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس للعرش. وتطرق إلى مفهوم الحكم الذاتي في مختلف المواثيق الدولية والتجارب العالمية، وكما ناقشته الأمم المتحدة، ليخلص إلى أن الحكم الذاتي يعد بمثابة آلية من آليات تقرير المصير، مسجلا الالتباس الذي يحيط بمفهوم تقرير المصير وغموضه.
واختتم المؤلف بفصل أخير، تحت عنوان “مخرجات مقترح الحكم الذاتي المغربي لجهة الصحراء من منطلق رصد مكتسباته”، حاول من خلاله الأستاذ يوسف عنتار رصد أهمية المبادرة المغربية لمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية للمملكة باعتبارها خروجا من مأزق الجمود الذي عرفه مسار النزاع المفتعل بفعل تعنت الجزائر والبوليساريو، مستعرضا ما يمكن أن تنطوي عليه المبادرة المغربية من مكاسب تمس جوانب مختلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية، سواء كان ذلك داخل المغرب أو في محيطه الإقليمي أو على المستوى الدولي.