أثار منشور رائج في الآونة الأخيرة، تفاعلاً كبيرًا على مواقع التّواصل الإجتماعي، حيث شارك مواطن من مدينة تطوان تجربته الشّخصيّة بشأن الإحصاء الوطني، التي يحكي فيها أنّه بعدما كان خارج منزله أثناء مرور مكلّف بعمليّة الإحصاء، تفاجأ بعد عودته على السّاعة الـ6 مساءً بوجود ورقة باحث إحصائي تحت بابه، تشير إلى أنّه امتنع عن قبول إحصائه.
ومن خلال تجربته الشّخصيّة التي تفاعل معها الكثيرون، عبّر نور الدين عن إستيائه بعد أن واجه صعوبة في قراءة الورقة بسبب الخط الرّديء الذي كتبت به، والأخطاء اللّغوية “الفادحة” التي لا تتناسب مع شخص يفترض أنّه حاصل على شهادة جامعيّة، حسب تعبيره، وهو ما يجعل من هذه الأخطاء أمرًا غير مبرّر، خصوصًا في عمليّة رسميّة تتطلّب الدّقة والوضوح والمصداقيّة.
ولم يتوقّف ذات المتحدّث عند مشكلة الخط والأخطاء المرصودة بورقة الباحث، بل اِنتقل إلى تساؤلات أعمق تتعلّق بجوهر عمليّة الإحصاء وكيفيّة تفاعل الموظّفين مع المواطنين الذين يحتمل أن يكونوا غائبين عن منازلهم لأسباب معيشيّة، مشيرًا إلى أنّ غياب المواطن عن منزله قد يكون بسبب إلتزاماته اليوميّة في البحث عن لقمة العيش، متسائلًا : “هل يُد هذا الغياب ‘إمتناعًا’ عن المشاركة في الإحصاء الوطني ؟”.
وتابع المواطن التّطواني بعدها، بطرح مجموعة من النّقاط الإستفساريّة، أهمّها : “هل يتوقّع من المواطنين البقاء في منازلهم طِوال شهر شتنبر في انتظار زيارة موظّفي الإحصاء؟ وكيف يمكن للجهات المسؤولة تصنيف المواطنين على أنّهم ‘ممتنعون’ عن أداء واجبهم الوطني إذا كانوا ببساطة غائبين عن منازلهم لأسباب خارجة عن إرادتهم؟”.
هذه التّساؤلات المطروحة، تعكس مشكلة أعمق تتعلّق بآليّات التّواصل بين موظّفي الإحصاء والمواطنين، إذ لا ينبغي أن يفهم غياب المواطن عن منزله على أنّه تملّص من واجب وطني، بل يجب النّظر إلى ظروفه المعيشيّة وضمان وسائل بديلة وأكثر مرونة تمكّنه من المشاركة دون تحمّل عبء مكوثه في المنزل لفترات طويلة.
وصِلةً بالموضوع، قال أحد المواطنين “إنّ الإحصاء واجب وطني بلا شك، ولكنّه واجب يتطلّب تنظيمًا يتماشى مع واقع المواطنين وظروف حياتهم”، مشيرًا إلى أنّ “تساؤلات نور الدين تستدعي من الجهات المعنيّة مراجعة هذه العمليّة وضمان تحسين وسائل التّواصل مع المواطنين، عبر إتاحة خيارات مرنة تسهّل مشاركتهم دون فرض عبء غير معقول عليهم”.
هذا، وأكّد متدخّل آخر؛ “ما كتبه نور الدين يتجاوز كونه انتقادًا عابرًا، فهو دعوة جادّة لإصلاح المنظومة وتعزيز الثّقة بين المواطنين والسّلطات، بما يضمن أن تساهم عمليّة الإحصاء في بناء سياسات وطنيّة فعّالة تستند إلى مشاركة جميع شرائح المجتمع”.