في خضم أزمة طاقة غير مسبوقة شهدتها إسبانيا، مساء أمس الإثنين، حيث غرقت مناطق شاسعة من البلاد في ظلام شبه كامل بفعل انقطاع مفاجئ في التيّار الكهربائي، هبّ المغرب بسرعة وبحس تضامني، لتقديم يد العون لجاره الشّمالي، من خلال تزويده بالكهرباء عبر خطوط الرّبط العابرة لمضيق جبل طارق.
وأفادت مصادر رسميّة، أنّ المكتب الوطني للكهرباء والماء الصّالح للشّرب بالمغرب (ONEE) استجاب لطلب مستعجل من شركة الكهرباء الإسبانيّة “REE”، فقام بإعادة تشغيل الرّبط الكهربائي بين البلديْن بشكل عكسي، ليُغذّي المناطق المتضرّرة في جنوب إسبانيا، خاصّةً إقليم الأندلس، بطاقة بلغت نسبتها 38% من إجمالي الإنتاج المغربي في تلك اللّحظة الحرجة.
ورغم أنّ المغرب كان يعتمد جزئيًّا على واردات الطّاقة من إسبانيا في الظّروف العاديّة، إلّا أنّ الرباط فعّلت آلية الطّوارئ لعكس تدفّق التيّار، ما ساعد على استعادة التّوازن الطّاقي في مناطق حيويّة من شبه الجزيرة الإيبيريّة، دون أن يتم تحديد الأسباب الدّقيقة لهذا الإنقطاع الذي أربك السّلطات الإسبانيّة وأثار دهشة الرّأي العام المحلّي والأوروبّي.
ووفقًا لصحيفة El País الإسبانيّة، فإنّ قدرة الرّبط الكهربائي بين البلدين تصل إلى 1400 ميغاواط عبر سبعة كابلات بحريّة تمتد على مسافة 28 كيلومتراً بين طريفة وطنجة. وقد سجّلت سنة 2024 رقماً غير مسبوق في استيراد المغرب للطّاقة من إسبانيا بلغ 2537 غيغاواط/ساعة، أي بزيادة 27% مقارنة بسنة 2023، قبل أن يعكس هذا المسار في لحظة أزمة نادرة.
من جهتها، عبّرت الحكومة الإسبانيّة، على لسان رئيسها بيدرو سانشيز، عن امتنانها العميق للسّلطات المغربيّة، مثمّنةً هذا التّدخّل السّريع الذي أعاد النّور إلى ملايين المواطنين في الجنوب الإسباني، ومشيدةً بـ”الرّوح التّضامنيّة والمسؤوليّة الإقليميّة” التي أظهرها المغرب.
يُذكر أنّ الرّبط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا، الذي يعود إلى سنة 1988، مرشّح للتّوسّع أكثر من خلال مشروع خطوط إضافيّة يُرتقب إنجازها بحلول عام 2028، وهو ما سيُعزّز من استقرار الإمدادات بين ضفّتيْ المتوسّط، خصوصاً بعد توقّف التّعاون الطّاقي بين المغرب والجزائر منذ 2021.