في خطوة جديدة تعكس التزام الولايات المتحدة بموقفها الداعم لقضية الصحراء المغربية، جاء تأكيد مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، قبل أيام خلال زيارتها للرباط، دعم بلادها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، عقب لقاء مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.

وقالت ليف بالنص أن واشنطن ترى في هذه المبادرة “حلاً جديًا وموثوقًا وواقعيًا” لفض نزاع مفتعل، كما شددت على مواصلة بلادها دعم جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، لدفع المسار السياسي التوافقي.

ورغم أن الموقف المعبر عنه أخيرا، يأتي حسب كثيرين مرهونا بعودة دونالد ترامب المرتقبة إلى البيت الأبيض، التي ستشهد معها وزارة الخارجية الأمريكية تغييرات هيكلية، تضع اسم باربرا ليف خارج الدائرة السياسية الرسمية والدبلوماسية الأمريكية، التي قد يتولى دفتها في العهدة الثانية (ابتداء من 20 يناير المقبل) السيناتور الجمهوري ماركو روبيو (حسب ما أعلنه ترامب). إلا أن احتمال تبني واشنطن نهجًا أكثر تشددًا في قضايا المنطقة مع الحفاظ على التحالفات الاستراتيجية القائمة، مثل العلاقة مع المغرب أول من اعترف باسقلال بلاد العم سام، يبقى هو الأرجح.

وعلى ضوء الثابت والمتغير، سياقات وتطورات ملف الصحراء المغربية على الصعيدين الأممي والدبلوماسي، تقدم “أخبار تايم” قراءة تحليلية خاطفة للموقف والملف:

مبادرة الحكم الذاتي محور الاستقرار الإقليمي

تأتي تصريحات المسؤولة الأمريكية في ظل إجماع دولي متزايد على أهمية المبادرة المغربية كإطار مرجعي لحل النزاع الإقليمي، خاصة أن هذه الخطوة لقيت ترحيبًا واسعًا من دول عدة منذ إطلاقها في عام 2007. ويعتبر الدعم الأمريكي عنصرًا أساسيًا في تعزيز مسار المفاوضات، حيث تمثل واشنطن شريكًا استراتيجيًا للمغرب في ملفات تتعلق بالسلم والاستقرار الإقليمي.

وقد أظهرت الإدارة الأمريكية الحالية استمرارية في موقفها المعلن منذ اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء في ديسمبر 2020. وتزامنت هذه التصريحات مع جهود أممية لإعادة الأطراف إلى طاولة الحوار، وسط تفاؤل بإمكانية تحقيق تقدم ملموس نحو حل دائم يعزز التنمية والاستقرار في المنطقة.

استمرارية الموقف: توقعات ومؤشرات

تشكل عودة ترامب إلى البيت الأبيض مؤشر قويا على استمرارية الموقف الأمريكي بشأن سيادة المغرب، خاصة أن هذا القرار كان جزءًا من رؤية ترامب لتعزيز شراكات استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. القرار التاريخي الذي اتخذه في ديسمبر 2020 بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وضع الولايات المتحدة في موقف داعم لموقف الرباط، مما عزز مكانة المغرب على الصعيد الدولي في هذا الملف.

الرباط بدون أدنى شك أثبتت أنها حليف موثوق للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، والاستقرار الإقليمي، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية.

ولاية ترامب الأولى علمتنا أن السياسة الخارجية الأمريكية في عهده غالبًا ما تُبنى على المصالح المتبادلة والصفقات الثنائية، مما يعني أن المغرب قد يكون مطالبا بتعزيز علاقته الاستراتيجية مع واشنطن، ربما على مستوى دور أكبر في القضايا الإقليمية، مثل التعاون الدولي بشأن القضية الفلسطينية أو المساهمة في الجهود الأمريكية لمواجهة النفوذ الصيني والروسي في إفريقيا.

مسار ملف التسوية الأممي 

من المتوقع أن تُعزز عودة ترامب إلى سدة الحكم جهود المغرب في الإطار الأممي لدعم مبادرة الحكم الذاتي، حيث يمكن أن يشكل الموقف الأمريكي قوة دفع وضغط دولي مهمة لتحريك عجلة المسار التفاوضي نحو تبني أكبر للمقترح المغربي كحل أساسي للنزاع. دعم قد يواجه مقاومة من بعض الأطراف الأخرى المناهضة لمصالح المغرب ووحدته الترابية، كما هو الحال بالنسبة للجارة الشرقية الجزائر وحلفائها، التي تدفع باتجاه تعقيد المشهد الدبلوماسي الذي حلحلته بشكل كبير الدبلوماسية الملكية النشطة في الملف.

في المجمل، تشكل عودة ترامب حدثا سياسيا بارزا ومفصليا في العلاقات الدولية خلال الأربع سنوات القادمة، كما قد تكون فرصة مهمة  لتعزيز المكاسب المغربية في قضية الصحراء، لكنها قد تحمل أيضًا تحديات جديدة تتطلب من الرباط المرونة والقدرة على الموازنة بين المصالح الدولية والإقليمية.