تستعد لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين للمصادقة على مشروع القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية.
ووضعت الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلس المستشارين تعديلاتها على المشروع لدى مكتب لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية استعدادا للتصويت عليه.
في هذا الصدد، قدم الفريق الحركي بمجلس المستشارين مجموعة من التعديلات على المشروع، تروم تجويده.
وتضمنت تعديلات الفريق الحركي التنصيص على تأمين مخزون إستراتيجي من المواد الصحية، وضمان سيادة دوائية وتوافر الأدوية والمنتجات الصحية وسلامتها وجودتها؛ وذلك تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية في افتتاح السنة التشريعية الحالية.
كما تضمنت التعديلات ضرورة إشراك المؤسسات العمومية وشبه العمومية، إلى جانب الدولة والجماعات الترابية، من أجل تحقيق الأهداف التي نص على عليها مشروع القانون الإطار، وتوفير “بطاقة رعاية” للمواطنين، تخول العلاج لكل مواطن في مختلف الجهات بغض النظر عن مسلك العلاج الجهوي؛ وذلك من أجل تفادي محدودية مفعول بطاقة “راميد”، المحصور في إطار جهوي، مع استحضار عدم توفر البنيات الصحية نفسها في مختلف الجهات.
ومن أجل تشجيع الأطباء على العمل في المناطق النائية، اقترح الفريق الحركي إضافة المعيار المجالي في تقدير الأجر، وذلك لخلق جاذبية الأطر الطبية للعمل في المناطق الصعبة وذات الخصاص في الموارد البشرية الصحية.
من جهتها، قدمت مجموعة العدالة الاجتماعية عددا من التعديلات على هذا المشروع، تهم الشكل والمضمون.
وتضمنت تعديلات مجموعة العدالة الاجتماعية حذف التنصيص على إلزام الأشخاص الراغبين في الاستفادة من الخدمات الصحية بالقطاع الخاص بضرورة المرور عبر طبيب عام، معتبرة أن هذا الإجراء سيثقل كاهل الفئات الهشة.
كما نصت التعديلات ذاتها على ضرورة “تولي المؤسسات الصحية، كل منها حسب غرضها، تقديم خدمات الوقاية والإسعاف والنقل والتشخيص والعلاج وإعادة التأهيل، سواء تطلب ذلك الاستشفاء بالمؤسسة الصحية أم لا”.
واعتبرت المجموعة ذاتها أن الإسعاف والنقل من الخدمات الصحية التي ينبغي للمؤسسات الصحية العمل على تطويرها، باعتبارها عمليات تندرج في صميم الخدمات المقدمة.
إلى ذلك، نصت تعديلات مجموعة العدالة الاجتماعية على ضرورة “خضوع الخريطة الصحية الوطنية للتقييم بشكل منتظم مرة واحدة على الأقل كل ثلاث سنوات، لإعادة النظر في التوجهات العامة المعتمدة فيها، ومدى فعالية ونجاعة تنزيلها”.
ومن المرتقب أن تعلن لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين في غضون الأيام المقبلة تاريخ التصويت على هذا المشروع، الذي تؤكد الحكومة أنه “سيخلق ثورة في المجال الصحي”.
وكان وزير الصحة والحماية الاجتماعية اعتبر خلال تقديمه هذا المشروع بمجلس المستشارين أن الأمر يتعلق بمشروع إصلاحي مهيكل، و”ثورة في قطاع الصحة بالمغرب، بالنظر إلى كونه يشكل في المقام الأول تجسيدا للإرادة الملكية السامية الداعية في أكثر من محطة إلى القيام بإصلاح جذري للمنظومة الصحية الوطنية، وجعل إصلاح قطاع الصحة من المبادرات المستعجلة التي تجب مباشرتها”.
وكانت الحكومة أحالت مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية بعد المصادقة عليه من طرف المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس في 13 يوليوز الماضي.
ويبتدئ مشروع القانون الإطار بديباجة أكدت أن النهوض بالقطاع الصحي، والعمل على تطويره، والرفع من أدائه، مسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية من جهة، والقطاع الخاص والمجتمع المدني والهيئات المهنية والساكنة من جهة أخرى.
واعتبرت ديباجة المشروع أن الإصلاح العميق للمنظومة الصحية الوطنية ضرورة ملحة وأولوية وطنية ضمن أولويات السياسة العامة للدولة الرامية إلى تثمين الرأسمال البشري، والاعتناء بصحة المواطنين كشرط أساسي وجوهري لنجاح النموذج التنموي المنشود.
ويلزم مشروع القانون الإطار الدولة بحفظ صحة السكان ووقايتهم من الأمراض والأوبئة والأخطار المهددة لحياتهم، وضمان عيشهم في بيئة سليمة.
ولهذا الغرض، تعمل الدولة على تيسير ولوج المواطنات والمواطنين إلى الخدمات الصحية وتحسين جودتها، وضمان توزيع متكافئ ومنصف لعرض العلاجات على مجموع التراب الوطني؛ كما تعمل على التوطين الترابي للعرض الصحي بالقطاع العام وتحسين حكامته من خلال إحداث مجموعات صحية ترابية، وضمان سيادة دوائية وتوافر الأدوية والمنتجات الصحية وسلامتها وجودتها.
واستحضر المشروع الاهتمام بالموارد البشرية، إذ نص على تثمين الموارد البشرية العاملة في قطاع الصحة وتأهيلها عبر إرساء وظيفة صحية تراعي خصوصيات الوظائف والمهن بالقطاع، وتفعيل آليات الشراكة والتعاون والتكامل بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع البحث العلمي والابتكار في المجال الصحي.