ماذا لو فُرض على سكان غزة الرحيل عن أرضهم؟ هذا ما طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطة مثيرة للجدل، تهدف إلى إجلاء الفلسطينيين من القطاع وإعادة توطينهم في دول أخرى، من بينها المغرب، بحسب تقارير دولية. هذه التصريحات أثارت صدمة واسعة، حيث اعتُبرت محاولة لإعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية للمنطقة. وبينما تتوالى ردود الفعل الدولية الرافضة، يجد المغرب نفسه في موقف معقد، بين التزامه بعلاقاته مع إسرائيل وموقفه الثابت في دعم القضية الفلسطينية. فكيف سيتعامل المغرب مع هذا المقترح؟
خطة ترامب لإعادة توطين سكان غزة تثير الجدل
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقترح لإجلاء سكان غزة وإعادة توطينهم في دول أخرى، مع التزام الولايات المتحدة بإعادة إعمار القطاع وتحويله إلى مركز اقتصادي متطور. وأكد ترامب أن خطته تأتي في سياق إيجاد “حل دائم” للوضع في غزة، بينما حظيت بدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. إلا أن هذه الخطة أثارت غضبًا واسعًا، إذ وصفتها جهات دولية بأنها محاولة لفرض تهجير قسري على سكان القطاع، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
تصريحات ترامب جاءت خلال حوار صحفي أُجري معه بتاريخ 4 فبراير 2025، حيث تحدث عن رؤيته لما بعد الحرب في القطاع، مؤكدًا أن إعادة توطين الفلسطينيين ستكون جزءًا من “حل دائم” للصراع، وبحسب ما نقلته مصادر إعلامية دولية فإن هذه التصريحات أثارت ردود فعل واسعة النطاق، خاصة من قبل الدول العربية والمجتمع الدولي.
ولم يصدر إلى الآن أي موقف رسمي مغربي بشأن هذه التصريحات، لكن توجهات الرباط الدبلوماسية لا تنبؤُ بأي تجاوب محتول مع محاولات فرض حلول لا تحترم الحقوق الفلسطينية، خصوصًا في ظل رئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس للجنة القدس.
التوقيت والسياق الدولي.. لماذا الآن؟
تأتي تصريحات ترامب في سياق تصعيد مستمر في المنطقة، حيث تشهد الأوضاع في قطاع غزة تدهورًا غير مسبوق بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ أشهر. كما أن هذه التصريحات تتزامن مع حملته الانتخابية للرئاسة الأمريكية، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان ترامب يستخدم الملف الفلسطيني-الإسرائيلي كأداة لكسب تأييد الناخبين المحافظين والداعمين لإسرائيل. من جهة أخرى، فإن رفض مصر والأردن لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين يشير إلى تعقيد تنفيذ هذه الخطة، ما يجعلها غير قابلة للتحقيق في ظل الموقف الإقليمي الرافض للتهجير القسري.
موازنة العلاقات والتاريخ
بالنظر إلى التطور الملحوظ للعلاقات مع إسرائيل منذ العام 2020، يجد المغرب نفسه أمام تحدٍّ دبلوماسي متجسد في التعامل مع هذا المقترح. ورغم اتفاقية التطبيع، فإن المملكة لطالما أكدت دعمها الثابت لـ القضية الفلسطينية، حيث يرأس الملك محمد السادس “لجنة القدس” ويدعو إلى حل الدولتين. في هذا السياق، سبق لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير، مشددًا على أن أي حل يجب أن يضمن الحقوق المشروعة للفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. ومن هذا المنطلق، من المرجح أن يرفض المغرب بشكل غير مباشر أي خطة قد تؤدي إلى تغيير ديمغرافي قسري في المنطقة، حفاظًا على التوازن بين التزاماته الدولية وتاريخه الداعم لـ القضية الفلسطينية.
ردود رافضة
يرى المحلل السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي أن هذه الخطوة تمثل “انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي”، مؤكدًا أن “الشعب الفلسطيني بكل مكوناته يرفض دعوات الرئيس الأميركي ترامب لترحيل سكان غزة”. من جانبه، وصف السفير الفلسطيني حسام زملط المقترح بأنه “غير أخلاقي وغير قانوني”، مشددًا على أن “أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم ستُقابل برفض قاطع”.
في السياق ذاته، أشار المحلل السياسي المصري عمرو الشوبكي إلى أن “تصريحات ترامب تعكس تجاهلًا للتعقيدات التاريخية والسياسية للقضية الفلسطينية”، محذرًا من أن “مثل هذه المقترحات قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة”. بدوره، اعتبر المحلل الأردني محمد أبو رمان أن “الخطة تفتقر إلى الواقعية وتتنافى مع حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم”، لافتًا إلى أن “الأردن يرفض بشكل قاطع أي محاولات لتوطين الفلسطينيين على أراضيه”.