تستعد تونس لإرسال أول قمر صناعي محلي الصنع “تحدي1” للفضاء خلال شهر مارس/آذار القادم، بعد إنهاء جميع تجارب الإطلاق الأولية بنجاح، وسيتم إطلاقه عبر مركبة فضائية روسية من قاعدة كازاخستان.
و في 2016 كان القمر الصناعي مجرد فكرة خالجت ذهن السيد محمد فريخة باعث المشروع، والمهندس أنيس يوسف وفريق عمله من الكفاءات الشابة في شركات مجمع “تلنات” التونسية المتخصصة في صناعة البرمجيات والأنظمة الإلكترونية، ليتحول في 2020 إلى حقيقة ملموسة وإنجاز متفرد ليس فقط في تونس؛ بل في العالم العربي وأفريقيا.
أنيس الذي يشغل اليوم خطة مدير التجديد في الشركة، لا يخفي في حديثه فرحته وشعوره بالفخر برفقة زملائه، وعلى رأسهم مدير المجمع محمد فريخة، لتصنيع أول قمر صناعي محلي بكفاءات تونسية 100%، ولاقتحام تونس بوابة الفضاء التي طالما كانت حكرا على دول بعينها.
دراسة المشروع ومراحل التصنيع ساهمت فيها أيضا خبرات تونسية في مراكز بحث علمية دولية، سواء في وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” أو القطب التكنولوجي الأوروبي بمدينة تولوز الفرنسية.
القمر الصناعي “تحدي1” الذي سيطلق على ارتفاع 550 كلم عن سطح الأرض، سيمكن كما يقول محدثنا المهندس أنيس من تقديم مقاربة جديدة في مجال تكنولوجيا المعلومات، يطلق عليها اسم “إنترنت الأشياء”، وسيقع استخدامه في مجالات حيوية، كمراقبة الحدود وقيس حجم التلوث في الهواء ومراقبة المناخ والتحكم في منشآت الطاقة الشمسية في قلب الصحراء، وأماكن أخرى لا يغطيها الإنترنت.
“إنترنت الأشياء” (Internet of Things) تعرف اختصار برمز “آي أو تي” (IoT) وهي شبكة اتصال افتراضية، تعمل على تبادل البيانات بين شبكة الإنترنت ومختلف الأجهزة المادية من إلكترونيات وبرمجيات وأجهزة استشعار.
مجمع “تلنات” أكد في بيان رسمي إنهاء جميع الاختبارات الوظيفية واختبارات الإطلاق بنجاح على القمر الصناعي، كما أن الشركة بصدد إنهاء إجراءات تسليم القمر الصناعي إلى الشركة الروسية المتعهدة بعملية الإطلاق نحو الفضاء في 20 مارس/آذار 2021، والذي يتزامن مع ذكرى استقلال تونس.
و يؤكد المدير العام لشركة “تلنات” محمد فريخة أن القمر الصناعي الذي بلغت كلفة إنجازه 600 ألف دولار، صنعته كفاءات تونسية خالصة متكونة من 20 مهندسا وتقنيا في مجالات الإلكترونيك وتطبيقات الفضاء، بعد أن اختارت شركته الاستثمار في مجال تكنولوجيا الفضاء في إطار اتفاقيات شراكة مع وكالة الفضاء الروسية “راسكاسموس” (Roscosmos) وشركة “جي كيه لانش سيرفس” (GK Launch Services).
فريخة أشار أيضا إلى أن تصنيع القمر الصناعي التونسي، اعتمد في سابقة عالمية على تطوير بروتوكول “لورا” (LoRa)، وهو برتوكول اتصالات لاسلكي يستعمل في العادة في البحوث العلمية الأرضية؛ لكن تم تطويره ليكون ملائما لتجارب الفضاء، لا سيما فيما يتعلق باختزال الطاقة وسرعة تدفق المعطيات.
القمر الصناعي التونسي “تحدي1” ليس إلا بداية لمشاريع فضائية أخرى يريد لها أصحابها أن تحول تونس إلى قطب تكنولوجي دولي في مجال الصناعات الفضائية، حيث سيتم إنجاز 30 قمرا صناعيا آخر لتغطية احتياجات دول أفريقيا والشرق الأوسط.