ترتبط الصحراء بفكرة “السوق” القار أو “الموسم”، عرفته كنقطة تلاقي قارة تجمع الإقتصادي بالمادي، ثم الثقافي بالتراثي و اللامادي، قبل أن يتشكل بمفهومه الحضاري الإشعاعي ستينيات القرن الماضي.
“ألمكار” الطنطان لا يشكل استثناء بالنسبة لهذه القاعدة، فعلى امتداد “المواسم” التي عمرت فوق منطقة غرب الصحراء، عُرف الأخير بحركة اقتصادية، اجتماعية و ثقافية دؤوبة، رسمت بداية معالمها مجموعات “البدو” و “الرحل” القادمة من بلاد شنقيط، السنغال، مالي وتيندوف، إذ هي تتلاقح و قبائل الجنوب المغربي في فضاء واحد، رحب لدرجة جعلته يستوعب الجميع.
الموسم الطنطاني الذي يستعد لإيقاد شمعته الـ15، شكل منذ 1962 و إلى اليوم، رمزاً إنساني صارخ للبداوة التي تعشقها المنطقة، ليستمر إلى اليوم في تجسيد صورة واضحة عن مجتمع البيظان الثقافي الواسع و المنفتح، هنا حيث تحضر خيمة الشعر بتوابعها، الأزياء والألبسة التقليدية، الأكل بطقوسهم، اللهجة بخصوصيتها، الثقافة الشفهية التي تشكل امتداد للعذرية، البراءة و الطبيعة.
الفاعل المدني و المهتم بالشأن التراثي و الذاكرة الجماعية، “محمد أحمد الومان”، يرى أن تصنيف “الموسم” من قبل منظمة اليونيسكو، كتعبير عن التراث اللامادي الإنساني، يعتبر تزكية واضحة للدور الذي تعلبه خيامه ذات الصدى العالمي، تلك التي ستشكل هذه السنة نقطة إلتقاء جديدة موغلة في الجنوب، إذ تحضر بلاد البيظان مجتمعة عندما تحل “موريتانيا” الشقيقة ضيفة شرف، في مناسبة للتبادل الاقتصادي والتلاقح الثقافي.
حري بالذكر أن الطنطان تحتضن في الفترة ما بين 14 و 19 يونيو الحالي، فعاليات النسخة الـ15 لـ”ألموكار”، حيث تنظم فعاليات متنوعة ثقافية،فنية، و أكاديمية، تحضرها “أخبار تايم” و تنقل لكم أجوائها من عين المكان.