تواصل العلاقات الفرنسية-الجزائرية تأرجحها بين الأزمات والتوتر، حيث انتقل الخلاف بين البلدين من الدوائر السياسية والدبلوماسية إلى الفضاء الرقمي، ليشمل منصات التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى ساحة للصّراع والتّراشق اللّفظي. وفي هذا السياق، وجدت المؤثرة الفرنسية-الجزائرية، صوفيا بنلمّان، نفسها في مواجهة القضاء الفرنسي، بتهم تتعلق بالتحريض على العنف والتهديد بالقتل عبر الإنترنت، مما أضفى مزيدًا من التعقيد على المشهد المتوتر بين البلدين.
وتحظى بنلمّان بمتابعة واسعة، إذ يصل عدد متابعيها على منصات مثل “تيك توك” و”فيسبوك” إلى أكثر من 350 ألف شخص، غير أن بعض منشوراتها الأخيرة أثارت جدلًا واسعًا، خاصة بعد أن تضمنت عبارات وُصفت بأنها خارجة عن نطاق النقد المشروع. وفي إحدى مقاطع الفيديو المثيرة للجدل، ظهرت وهي توجه ألفاظًا نابية إلى سيدة فرنسية، متمنية لها الموت. وعلى الرغم من محاولتها التخفيف من حدة تصريحاتها بالقول إنها مجرد “أسلوب تعبير”، إلا أن القضاء الفرنسي اعتبر ذلك خطاب كراهية لا يمكن التسامح معه.
وأمام محكمة ليون، طالب الادعاء العام بإنزال عقوبة السجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بحق بنلمّان، مشددًا على أن القانون الفرنسي يكفل حرية التعبير، لكنه لا يسمح بالتحريض على العنف أو الكراهية. في المقابل، حاول محاميها الدفاع عنها، معتبرًا أن تصريحها جاء في لحظة انفعال ولا يعكس موقفًا أيديولوجيًا، غير أن الأجواء المشحونة داخل المحكمة كشفت عن حجم الجدل الذي أثارته القضية.
ولا تُعدُّ هذه المحاكمة حدثًا معزولًا، فقد شهدت الأشهر الأخيرة عدة قضايا مشابهة طالت مؤثرين جزائريين في فرنسا بسبب منشورات اعتُبرت تحريضية أو معادية للدولة الفرنسية، مما يعكس تصاعد التوترات بين باريس والجالية الجزائرية. ويأتي ذلك في وقت تشدد فيه السلطات الفرنسية رقابتها على المحتوى الرقمي الذي قد يُعتبر تحريضيًا، وسط تصاعد الجدل حول حرية التعبير وحدودها في السياق الفرنسي-الجزائري المتشابك.
وفي ظل هذه التّطوّرات، يرى مراقبون أن محاكمة بنلمّان تتجاوز بعدها القانوني، لتصبح جزءًا من صراع أكبر بين فرنسا والجزائر، حيث لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصة للتواصل، بل باتت ساحةً لمعركة سياسية وثقافية تتعقد فصولها يومًا بعد يوم.