في إطار سباق الشركات العالمية الكبرى المصنعة للأحذية لتصميم أحذية أكثر كفاءة باستخدام أحدث التقنيات، كشفت شركة أديداس (adidas) مؤخرا عن حذاء رياضي تم تصنيعه بتقنية مبتكرة تعتمد على روبوتات تستخدم برمجيات متطورة صممت خصيصا لنسج جزئه العلوي خيطا خيطا.
وتتيح هذه التقنية تصميم الحذاء الجديد بناء على بيانات شخصية للمستخدم تتعلق بكيفية الحركة، وأخرى حول الظروف المحيطة بالعداء أثناء الجري.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، كان عالم سباقات الجري مهووسا بتقنية واحدة هي ألواح ألياف الكربون. ويتم اليوم استخدامها من قبل جميع مصنعي أحذية الجري تقريبا في تصنيع نعال أحذيتهم عالية الأداء.
ولكن مع تسابق الشركات الرياضية لتضمين الألواح الكربونية في أحذيتها الرياضية، تم إهمال مادة النسيج في الجزء العلوي من الأحذية الرياضية.
أثناء ذلك، عملت أديداس مع شركة للطباعة ثلاثية الأبعاد ومهندسي برمجيات ورياضيين، على تطوير طريقة جديدة تماما لإنشاء الجزء العلوي من الحذاء. تدعى هذه التقنية باسم “فيوتشر كرافت سترنغ” (Futurecraft Strung)، وفيها يقوم روبوت بنسج أكثر من ألف خيط في زوايا منحنية حول الجزء السفلي من الحذاء أو النعل.
ولإنشاء هذه اللوحة الخيطية، تم بناء روبوتات متخصصة وتصميم برمجيات وإجراء عمليات مسح عالية الدقة لكيفية تحرك أقدام العدائين أثناء الجري. ويمكن للروبوت، الذي يحتوي على 10 بكرات مختلفة من الخيوط الملحقة به، نسج الجزء العلوي من الحذاء بناء على التصميمات الرقمية.
وتعتمد هذه التصميمات على بيانات سلوكية، مثل سرعة العداء وطريقة عدوه والظروف المحيطة به أثناء السباق، والتي يتم دمجها مع بيانات أخرى حول حركة القدم للمساعدة في تحديد المكان الذي يجب أن يوضع فيه كل خيط من هذه الخيوط.
مما يعني أن كل حذاء يتم تصميمه في المستقبل سيكون على مقاس مستخدمه بشكل دقيق، ومختلفا عن غيره باختلاف هذه البيانات.
وستخصص هذه التقنية الجديدة مبدئيا، حسب بيان للشركة، لتصنيع أحذية الجري عالية الأداء التي من المنتظر أن تطرح في الأسواق أواخر 2021 أو بداية 2022، وتبحث الشركة حاليا في كيفية استخدامها بالمنتجات الأخرى التي تصنعها.
ورغم أن أديداس ذهبت بعيدا في استخدام التكنولوجيا المتقدمة في تصنيع أحذية عالية الجودة من خلال تطوير روبوتات وبرمجيات خاصة واستخدام البيانات السلوكية، فإن الاعتماد على هذه التكنولوجيات لا يعد شيئا جديدا في هذا المجال.
فقد حول سباق الشركات المصنعة، من أجل توفير أفضل المنتجات، من صناعة ملوثة إلى صناعة تعتمد على الروبوتات وتستخدم خامات صديقة للبيئة لإنتاج أحذية مصممة على مقاس المستخدمين.
فقبل سنوات قليلة، كانت هذه الشركات تصنع كل عام أكثر من 25 مليار زوج أحذية في العالم، وتستخدم في العادة بين 26 و65 نوعا من المواد لتصنيع الزوج الواحد، في حين تستغرق عملية التصنيع 360 مرحلة مختلفة، مما يجعل عملية تدويرها معقدة جدا.
وهذا ما يجعل صناعة الأحذية من بين الأنشطة الأكثر إضرارا للبيئة، خاصة وأن جل هذه المنتجات عادة ما يتم التخلص منها في الطبيعة رغم احتوائها على مواد مضرة بالبيئة كالمواد البلاستيكية والغرائية.
لذلك عملت الشركات الكبرى في هذا المجال على تطوير هذه الصناعة، بالاعتماد على التكنولوجيات المتقدمة لتجاوز هذه النقاط السوداء، مع خفض عدد المواد المستخدمة.
فقامت شركة “نايكي” (Nike) -على سبيل المثال- بتطوير نعال لأحذية العدو من طبقات رقيقة من الإسفنج والكربون باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد أصبحت تستعمل اليوم على نطاق واسع.
وتوصلت أديداس من جانبها إلى استخدام مادة واحدة (البولي يوريثين الحراري) في تصنيع أحذية رياضية عالية الأداء يمكن تدويرها. في الوقت الذي اتجه فيه العديد من المصنعين نحو استخدام مواد تمت إعادة تدويرها في صناعة أحذيتها الجديدة.
إنها سلسلة من القفزات التقنية التي ستحدث تغييرات جذرية في صناعة الأحذية لتحولها إلى صناعة روبوتية ونظيفة.