تشهد العلاقات الفرنسية الجزائرية تطورات متسارعة في ظل أزمة دبلوماسية متفاقمة، تحوّلت مساراتها من الخلاف حول الصحراء المغربية إلى قضايا الهجرة والذاكرة، ما جعل ملف الصحراء يتراجع في واجهة الصراع بين البلدين. فبعد الغضب الجزائري من اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء، تصاعد التوتر ليشمل تبادل الاتهامات بشأن ملفات حساسة، مثل سياسات الهجرة وامتيازات الجزائر التجارية داخل الاتحاد الأوروبي.
ووفق ما نقلته الصحافة الفرنسية، فإن باريس صعّدت من لهجتها في الأسابيع الأخيرة عبر التهديد بتقليص التأشيرات الممنوحة للجزائريين، ووقف الامتيازات الجمركية والمساعدات التنموية، وهو ما دفع الجزائر إلى التراجع عن نهج التصعيد، محملة مسؤولية التوتر إلى اليمين الفرنسي داخل الحكومة.
وتشير تحليلات سياسية إلى أن هذا التصعيد أدى إلى مواجهة مباشرة بين باريس والجزائر، دفعت الطرفين نحو البحث عن حلول دبلوماسية، وهو ما عكسته زيارة رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية-الجزائرية، رشيد تمال، إلى الجزائر في محاولة لتخفيف التوتر بين البلدين.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة Public Senat عن الخبير في شؤون المغرب العربي، عدلان محمدي، أن التّوصّل إلى تسوية للأزمة بين البلدين أمر وارد قبل نهاية ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون، مشيراً إلى أن الأزمة لم تعد تقتصر على قضية الصحراء المغربية، بل توسعت لتشمل قضايا أخرى جعلت الجزائر في موقف دفاعي أمام التصعيد الفرنسي.
ويرى مراقبون أن السيناريو الحالي يشبه الأزمة التي اندلعت بين الجزائر وإسبانيا، عقب اعتراف مدريد بسيادة المغرب على الصحراء، حيث اضطرت الجزائر لاحقاً إلى إعادة ترميم علاقتها بإسبانيا دون أن تتمكن من دفعها للتراجع عن موقفها. ومع تركيز الأزمة الحالية على الهجرة والذاكرة، يبدو أن باريس ثبّتت موقفها المؤيد للمغرب، بينما فقدت الجزائر أي أمل في تغييره.