في خطوة ذات بعد سياسي واقتصادي، دخلت الجزائر سباقاً جديداً باتجاه موريتانيا، بعد أن كانت لعقود مضت، على هامش الاهتمام السياسي والدبلوماسي الجزائري، برغم ما تكتسيه العلاقة مع نواكشوط، من أهمية سياسية تقتضي من دول الجوار مسايرتها، خصوصا وأن لـ”موريتانيا” دورًا إقليميًّا بارزا في قضية النزاع لمنطقة الصحراء.
من جهة أخرى، يسعى المغرب جاهدا، بأن يحافظ على علاقته و موريتانيا نظرا لتوجهه الإفريقي، تبعا للأهمية الجغرافية وإلى الحدود البرية الممتدة بين الدولتين ودواعي التنسيق الأمني بسبب نشاطات شبكات الإرهاب والتهريب.
إلا أن تسارع الخطوات الجزائرية باتجاه موريتانيا والمسار الجديد الذي رسمته؛ لتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية، وتجاوز بعض التراكمات السياسية والتاريخية المعقدة، يبدو على أنه، محاولة لإعادة لملمة أشلاء ماضية قصد اكتشاف دولة جارة.
وتؤشر هذه الخطوات الأخيرة، إلى ملامح تحولات استراتيجية في سياسة الجزائر حيال دول الجوار، خصوصاً وأن الدولتين قد تفاهمتا خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة الجزائرية -الموريتانية التي عقدت في الجزائر، في ديسمبر 2016، التي أعقبتها زيارة وزير الداخلية الموريتاني “أحمدو ولد عبد الله”، إلى الجزائر، وزيارة وزير الداخلية الجزائري “نورالدين بدوي”، إلى نواكشوط في مايو 2017؛ حيث تم آنذاك الإتفاق على تنفيذ خطوات سياسية واقتصادية عملية في هذا الاتجاه، لعل أن أبرزها التوقيع على اتفاق مبرم، لإنشاء معبر بري على مستوى الشريط الحدودي بين البلدين هو الأول من نوعه، فضلا عن معطيات تتعلق بزيادة فرص تعليم الطلبة الموريتانيين في الجزائر، والكوادر العسكرية والأمنية الموريتانية في الأكاديميات العسكرية الجزائرية، علاوة على فتح شركات جزائرية لمقرات وأنشطة استثمارية وتجارية لها في نواكشوط.
وتساءلت عدد من الشخصيات السياسية، في قراءات تحليلية، مبرزة أن استدراك الجزائر لعملها الديبلوماسي، قد يكون محاولة منها لاستغلال التوترات -بحسب قولهم- التي باتت تشوب العلاقة بين الرباط ونواكشوط لإقامة تعاون استراتيجي وصفته بالمبتذل.