دافع المفكر حسن أوريد عن تدريس التراث الإسلامي في المدرسة المغربية، وتلقين التلاميذ المبادئ والقيَم الحميدة التي يتضمنها، ذاهبا إلى القول: “من العبث أن نقول إننا نستطيع أن نسلخ المدرسة المغربية عن سياقها التاريخي والثقافي”.
وأبرز أوريد، في سياق حديثه عن مكانة الدين في المنظومة التربوية، ضمن ندوة رقمية نظمتها الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم “أماكن”، أنه “لا يمكن تصور مدرسة مغربية في مُجافاة للتراث الإسلامي”، قبل أن يستدرك قائلا إن المدرسة الحديثة “لا يمكن أن تكون استنساخا للمدارس العتيقة، ولكن في الوقت ذاته لا يمكن أن تنسلخ عن هذا العمق الحضاري والتاريخي”.
واستطرد أوريد قائلا: “على مستوى التعليم الابتدائي، من الأمور الأساسية التربية على القيم والأخلاق، ولا عيب أن تُستمد هذه القيم، مثل الصدق والعمل والجدّ، من التراث الإسلامي”، مضيفا أنه “عوض أن نسمّيها تربية إسلامية يمكن أن ندرجها في دائرة الأخلاق”.
وأضاف أنه عندما تُستوْحى تجارب مرتبطة بالثقافة الإسلامية يكون لها انعكاس أعمق على الناشئين. وزاد موضحا: “قد أتحدث، مثلا، عن الأخلاق، عن الصدق عند الفيلسوف مارك أوريل، لكن لن يكون له الأثر نفسه لو استقيت أمثلة من التراث الإسلامي”.
مدعاة حضور التراث الإسلامي في الكتب المدرسية، حسب أوريد، يمليها أيضا كون الحضارة الإسلامية جزءا من التاريخ، غير أنه شدد على أن تدريس التاريخ الإسلامي ينبغي أن يتم “وفق رؤية موضوعية ليفهم التلاميذ كيف بدأ الإسلام، وكيف ظهر، وكيف كان المجتمع العربي قبل الإسلام”.
وعبّر أوريد عن معارضته لتدريس التاريخ الإسلامي خارج نطاق ما هو تاريخي، قائلا: “لا يمكن عمليا، في إطار تدريس التاريخ، الارتكان إلى أمور أقرب إلى الميتافيزيقا منها إلى القراءة الموضوعية”، مضيفا “مثلا، هناك مَن يتحدث عن الفتح الإسلامي، وهناك من يتحدث عن الغزو، ونحن نفضّل قراءة موضوعية غير إيديولوجية”.
وأبرز المتحدث ذاته أن التراث الإسلامي هو كذلك جزء من الأدب، “فلا يمكن أن ندرّس اللغة العربية بمعزل عن هذا التراث، بما فيه الدين”، منتقدا الأصوات التي تدعو إلى عدم تدريس القرآن في المدرسة المغربية بداعي عدم تدريس الكتب المقدسة الأخرى.
وتابع قائلا: “ينبغي أن يُدرّس القرآن لأنه جزء من الأدب، والتراث الإسلامي جزء من الحضارة الكونية التي نحن جزء منها، ولا يمكن أن نضرب صفحا عنها”. وأضاف أن “المسألة ليست أن ننسخ العلمانية الفرنسية، ولكن أن نهتم بقواعد معينة، لأن العصر الذي نعيشه هو عصر علمي، وعلينا أن نتبنى قراءة موضوعية، والمطلوب هو أن نكسب تحدي كيفية تدريس هذا التراث دون الانسلاخ عنه”.