يستعد المسلمون في شتى أنحاء العالم لإستقبال مناسك الحج، والتي تعتبر أحد أركان الإسلام الخمسة وأهم مناسكها الوقوف بعرفة في التّاسع من ذي الحجّة. أمّا في اليوم الثّامن من ذي الحجّة، الذي يُعرف بيوم “التّروية”، يبدأ الحُجّاج بالتّوجّه إلى مشعر منى، حيث يبيتون ليلًا ويؤدّون خمس صلوات، بما في ذلك صلاة الفجر التي تسبِق الوقوف بعرفة.
وتتوجّه جموع حجّاج بيت الله الحرام مع إشراقة صباح اليوم الجمعة، الثّامن من شهر ذي الحجّة، إلى صعيد مشعر منى، لقضاء يوم “التّروية” والبدء في أعظم رحلة إيمانيّة وروحانيّة، لدى أزيد من مليوني حاج، بأشواق وتكبيرات، وفي ظل ترتيبات ضخمة أعدّتها المملكة العربيّة السّعوديّة.
وسيقوم ضيوف الرّحمان على صعيد منى بقضاء “يوم التّروية”، الجمعة، أوّل محطّات مناسك الحج، التي تتواصل على مدار 6 أيام، وذلك اقتداءً بسنّة نبي الإسلام محمد صلّى الله عليه وسلّم، الذي ارتوى (تزوّد) بالمياه قبل أداء مناسك الحج. وفي يوم التّروية، سيقضي الحجّاج وقتهم في الدّعاء والذّكر والتّأمّل، وترديد تلبية الحج : “لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك”.
كما سيؤدّون الصّلاة في “منى” الصّلوات الخمس قصرا بدون جمع، ويبيتون هناك قبل التّوجّه إلى صعيد عرفة بعد طلوع شمس يوم التّاسع من ذي الحجة.
ويقع مشعر “منى” بين مكّة المكرّمة ومشعر مزدلفة، على بعد 7 كلمترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو عبارة عن واد تحيط به الجبال من الجهتَيْن الشّماليّة والجنوبيّة، ولا يسكن إلاّ في فترة الحج.
ويشتهر مشعر “منى” بمعالم مهمّة في الحج، منها الشّواخص الثّلاث التي يرمى فيها الحجّاج الجمرات، والتي تتمثّل في جمرة العقبة في اليوم العاشر من ذي الحجّة، وجمرات أيّام التّشريق الثّلاثة في أيّام الـ11 والـ12 والـ13 ذي الحجّة. كما يحتضن هذا المشعر مسجد “الخيف”، الذي ألقى فيه النّبي المصطفى خطبة حَجّة الوداع.
إلى ذلك، أعدّت السّعوديّة ترتيبات ضخمة لإستقبال الحج في أوّل محطّات المناسك، منها تجهيز 4 مستشفيات تضُم جميع التّخصّصات، وأقسام لمواجهة الإجهاد الحراري وضربات الشّمس. كما تمّ إنشاء أبراج سكنيّة متعدّدة الطّوابق بمشعر “منى”، تستوعب أكثر من 30 ألف حاج بتصاميم حديثة مستوحاة من الهويّة العمرانيّة للمشاعر المقدّسة.
وفي سياق متّصل، أنهى قطار المشاعر إستعداداته لإستقبال الحجّاج عبر 9 محطّات تربط بين مناطق المشاعر المقدّسة. وتبلغ الطّاقة الإستيعابيّة للقطار 72 ألف راكب بالسّاعة في إتّجاه الواحد، ويسير بسرعة تبلغ 80 كيلومتراً في السّاعة، ما يمكّنه من قطع المسافة بين “منى” و”عرفات” خلال نحو 20 دقيقة فقط.