أطلقت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية الحملة الوطنية الثانية لمكافحة وصم الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعقلية، إذ يؤكد مختصون وأطباء أن هناك تحسنا طفيفا في الاعتراف بالمرض النفسي على عكس المرض العقلي الذي لا يزال أصحابه ينعتون بـ”المسطيين” أو الحمقى.
وقالت الوزارة إن “الدراسات الاستقصائية عن تأثير المواقف الاجتماعية السلبية تجاه الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية في كثير من الأحيان أبانت أنهم يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر، منبوذين ومهمشين من طرف المجتمع بسبب وصفهم بالأشخاص العنيفين، العاجزين، عديمي التحفيز”.
وتابعت قائلة إن هذا الوصم “يؤثر على حياتهم اليومية وعلاقاتهم العائلية والاجتماعية، ويشكل عائقا حقيقيا لاندماجهم الاجتماعي، حيث يعد الوصم أكثر وقعا على هؤلاء الأشخاص عندما يصدر من الأقارب وأفراد العائلة، في حين يعتبر الدعم العاطفي الذي يوفره الوسط العائلي ركيزة أساسية لتيسير التعافي”.
وفي هذا الإطار، قال فيصل الطهاري، أخصائي نفسي كلينيكي ومعالج نفساني: “لا يمكن أن نقول إنه بالفعل المجتمع المغربي وصل بشكل كبير إلى الاعتراف بالمرض النفسي والعقلي”، مؤكدا ضمن تصريح لأخبار تايم أن “هناك تحسنا مرده إلى أنه أصبح لا يوجد بيت يخلو من شخص يعاني أو سبق أن عانى نفسيا؛ فالكل مر من تجربة الضغط والمرض النفسي، والفرق فقط هو مستوى التدخل.. هناك من وصل إلى درجات متقدمة مما أثر على حياته سلبا، وهناك من تجاوز الضغط”.
واعتبر المختص أن “المجتمع المغربي عموما يتصالح نوعا ما مع الاضطرابات النفسية، كالقلق والاكتئاب والتوتر ونوبات الهلع؛ لكنه يكون قاسيا جدا على ذوي الأمراض العقلية المزمنة، كالفصام والبرانويا ومجموعة من الأمراض العقلية المستعصية نوعا ما التي تغير من سلوك الإنسان”.
وأوضح الطهاري أن “الإضرابات النفسية لا تساهم في تغيير سلوك الإنسان بالقدر الذي تساهم فيه الاضطرابات العقلية التي يمكن أن تجعل الإنسان منفعلا أو عنيفا في بعض الحالات ولا يستطيع ممارسة حياته اليومية.. هنا يكون الوصم، ونتحدث دائما عن المسطي أو الأحمق؛ وهما تسميتان تضران هؤلاء الأشخاص الذين يجدون أن هناك وصما لحالتهم، مما قد يجعلهم أحيانا لا يتقبلون الذهاب للطبيب أو أخذ الأدوية والعلاج مما يؤدي إلى تدهور حالته”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “التقبل فيه تحسن نوعا ما على مستوى الأمراض والاضطرابات النفسية؛ لكن الأمراض العقلية لا يزال المجتمع المغربي لم يتصالح معها وهي الأكثر عرضة للوصم حتى من خلال المحيط، إذ ما زالت الأمور لا تتحسن بالشكل المطلوب”.
ونبه المختص إلى أن “هناك نماذج كثيرة لأشخاص يزورون أطباء نفسانيين ويتفادون الإدلاء بشهادات طبية للمؤسسات التي يعملون بها لأنهم يعتبرون أن الأمر يمكن أن يستغل ضدهم”، مؤكدا أن “مبادرة الوزارة هي اعتراف بأن هناك معاناة تنضاف إلى معاناة هؤلاء الناس بشأن كيف يراهم المحيط، فأحيانا يكون الوصم حتى من أقرب المقربين والعائلة”.
وقالت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ضمن بلاغ لها، إن الاضطرابات النفسية تعد مشكلة من مشاكل الصحة العامة.
وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن نسبة تتراوح ما بين 76 في المائة و85 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية شديدة أو من ذوي الإعاقات المرتبطة بهذه الاضطرابات لا تستفيد من العلاج، خاصة بالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. كما أن خطر تعرض هؤلاء الأشخاص للعنف الجسدي يزداد بنسبة 11 إلى 13 مرة.