في خطوة غير مسبوقة ترسّخ الحضور المغربي داخل القارّة السّمراء، وقّعت المملكة اتّفاقًا تاريخيًّا مع الإتّحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، يجعل من شركة الخطوط الملكيّة المغربيّة (لارام) النّاقل الرّسمي والحصري لجميع البطولات التي يُشرف عليها الجهاز القارّي، وهو ما يشكّل تحوّلًا لافتًا في منظومة النّقل الجوّي الرّياضي بإفريقيا.
وجرى توقيع الإتّفاق بالعاصمة الرباط، بحضور رئيس الجامعة الملكيّة المغربيّة لكرة القدم، فوزي لقجع، ورئيس “الكاف” باتريس موتسيبي، إلى جانب حميد عدو، الرّئيس المدير العام لـ”لارام”. واعتُبر هذا التّوقيع تجسيدًا عمليًّا للرّؤية الملكيّة الرّامية إلى تعميق التّعاون جنوب-جنوب، خصوصًا في مجالات الرّياضة والتّنقّل داخل القارّة.
بموجب هذا الإتّفاق، ستتولّى “لارام” نقل اللّاعبين والوفود والجماهير إلى مختلف البطولات التي ينظّمها “الكاف”، أبرزها كأس إفريقيا للأمم 2025، وكأس إفريقيا للسيّدات في يوليوز من نفس السّنة. وتضع هذه المهمّة المغرب في موقع مسؤوليّة كُبرى، تعكسُ حجم الثّقةِ القاريّة في قدراته اللّوجستيكيّة والتّنظيميّة.
ويفرض الإتّفاق واقعًا جديدًا على بعض الدّول، وفي مقدّمتها الجزائر، التي تُغلقُ مجالها الجويَّ أمام الطّيران المغربي منذ اندلاع الأزمة الدّبلوماسيّة. إذ يُصبح أمامها خَياران: إمّا الإلتزام بشروط “الكاف”، أو مواجهة تبعات رياضيّة قد تصل إلى حد الإقصاء من البطولات، في حال استمرارها في تعطيل النّقل الجوّي.
وفي كلمته بالمناسبة، وصف باتريس موتسيبي الإتّفاق بأنّه “لحظة مفصليّة” في تاريخ كرة القدم الإفريقيّة، مؤكّدًا أنّه سيُسهم في تسهيل حركة التّنقّل وربط شعوب القارّة، وتحويل البطولات القاريّة إلى مهرجانات كرويّة ذات طابع جماهيري.
من جهتها، أعلنت “لارام” عن خطّة طموحة لتوسيع شبكتها الجويّة نحو عواصم إفريقيا، وتعزيز أسطولها، مع تقديم عروض سفر ميسّرة للجماهير داخل القارّة وخارجها، في خطوة تنسجم مع التوجّه المغربي لجعل الرّياضة رافعة للتّنمية والتّواصل بين الشّعوب.
وفي تعليقه على الحدث، شدّد حميد عدو على أنّ هذا الإتّفاق يتجاوز حدود الشّراكة التّجاريّة، معتبرًا إياّه جزءًا من مشروع تنموي متكامل تقوده المملكة لتوطيد التّكامل الإفريقي، وتوفير خدمات نقل جوّي آمنة ومريحة لعشّاق الكرة الإفريقيّة.
الإتّفاق، الذي يحملُ أبعادًا رياضيّة ودبلوماسيّة في آنٍ واحد، يعكسُ عزم المغرب على تعزيز موقعه كفاعل محوري في القارّة، ليس بالشّعارات، بل بالمبادرات العمليّة التي تخدُم شعوب إفريقيا وتفتحُ آفاقًا جديدةً للتّعاونِ القارّي.