اِكتُشف في دراسة حديثة، أنّ “لالة العالية”، وهي كُثبان نجميّة تقع في واحة عرق الشبي، في صحراء مرزوكة، تشبه كثيرا الكثبان الواقعة على كوكب المرّيخ وقمر زحل “تيتان”. وتعود قاعدة هذه الكثبان إلى 13 ألف سنة.
وتظهر هذه الكثبان من بعيد، على شكل أهرامات رمليّة، تتميّز بالقِمم المدبّبة والأذرُع المُشعّة، ما جعلها تُعرف عادةً باسم الكُثبان النّجميّة. بل وأكبر الكُثبان والأكثرُ تعقيدًا بين الكُثبان الصّحراوية على كوكب الأرض.
مميّزات هذا النّوع من الكُثبان
وتتميّز هده الكُثبان النّجميّة، أنّها الأطول من نوعها، وتوجد تكوينات مُماثلة حتّى خارج نظامنا الشّمسي، على المريخ وقمر زحل. وتنتشر الكُثبان النّجميّة في الصّحاري الحديثة، الواقعةِ تحديدا في جنوب شرق المغرب بالقرب من الحدود الجزائريّة، أين تظهر الكُثبان الرّمليّة النّجميّة المعروفة باسم “لالة العالية”، وهي عِبارة عن هياكل رمليّة تتّسمُ بالتّعقيد .
وجذبت هذه الكُثبان الرّمليّة النّجميّة أنظار المهتمّين، ما دفع بعُلماء من كلية لندن الجامعية وجامعة أبيريستويث في ويلز إلى التّوجّه إليها بمنطقة عرق الشبي، وهو مجال فسيح من الكُثبان الرّمليّة المحاذية لمحاميد الغزلان، للإنكباب في دراسة هذه الكُثبان النّجميّة المغربيّة. وخلُصت هذه الدّراسة إلى نتائج دُوِّنت في ورقة بحثيّة نشرتها مجلّة نيتشر العلميّة، تضمّنت تفاصيل حول “لالة العالية”.
القيمة العلميّة لتسمية “لالّة العالية” وارتباطُها بالثّقافة الأمازيغيّة
يستدِلُّ الإسمُ “لالّة العالية”، على جذور الهويّة التي عاصرت تاريخ الإكتشاف الفعلي لهذه الكُثبان النّجميّة، والتي تعني باللّغة الأمازيغية “أعلى نقطة مقدّسة”، تتميّز بأذرع مدبّبة ويصل اِرتفاعها إلى 100 متر وعرضها إلى 700 متر، وقد كشفت الدراسة المُنجزة عنها، أنّ شكل هذه الكُثبان، يرجع تكوينه النّجمي إلى الرّياح التي تهُب من اِتّجاهين رئيسيّين، رياح “سيروكو” القويّة التي تأتي من الجنوب الغربي إلى الشّمال الشّرقي، ورياح “شيرغي” الأضعف، التي تهُب من الشّمال الشّرقي إلى الجنوب الغربي. كما تكشف الدّراسة أيضًا، أنّ الرّياح الشّرقية أقل تواتُّراً.
ودفعت الحركة الفريدة لهذه الكُثبان الرّمليّة، العُلماء، إلى دراسة كيفية تحرّكها مع مرور الوقت، وتوصّلوا إلى أنّ الرّمال تتحرّك في الغالب جانبًا، لتصل إلى 17 مترًا على الأكثر، وفي العادة أقل من 3 أمتار خلال 16 شهرًا.
وفي تفاصيل أوفر، يعتمد اِتّجاه هبوب الرّمال على الجزء الذي تقع عليه من ذراع الكُثبان الرّمليّة، ويتّضحُ أنّ الجُزء العُلوي من الكُثبان يتغيّر أكثر من الأجزاء السُّفليّة، إذ من المُرجّح أن يعود تفسير ذلك إلى أنّ الرياح تهب بقوّة كُلّما صعدت أعلى الكثبان الرّمليّة، على غرار الكُثبان الرّمليّة النّجميّة الأخرى حول العالم.
ما المُدّة التي تستغرقها هذه الكُثبان لتتكوّن ؟
وللتّدقيق في عُمر الأجزاء المُختلفة من الكُثبان الرّمليّة، اِستعانَ العلماء بتقنيّة تتضمّن الضوء، والتي يُطلق عليها عِلميّا التّأريخ البصري. وكشفت نتائج اِستخدامها إلى أنّ الجزء السُّفلي من الكثيب هو أقدم جزء منه، بحيث يتراوح عمر حبيبات الرّمل بين 13000 و9500 سنة، وتبيّن للعلماء مع اِرتفاعها، أنّ الرّمال صارت أصغر سِنّا، بحيث يعود تاريخ الرّمال العُلويّة إلى ما قبل 150 عامًا فقط . وبالنّسبة لـ”الأذرع” الرّمليّة التي تعطي الكُثبان شكلها النّجمي، فهي الأخرى حديثة جدًا، كما يبلغ عُمر معظم الرّمال أقل من 70 عامًا.
و ارتباطا بالحديث عن أقدم جزء من الكُثبان النّجميّة، قال أحد مؤلّفي الدّراسة، البروفيسور جيف دولر، من قسم الجغرافيا وعلوم الأرض بجامعة أبيريستويث، مُتحدّثا إلى صحيفة ذاغارديان، أنّ “الكُثبان الرّمليّة اِستقرّت بسبب الغِطاء النّباتي”. وأوضح “يبدو أنه بقي على هذا الحال نحو 8000 سنة، ثم بدأ المناخ يتغير مرة أخرى وبدأت هذه الكثبان النجمية بالتشكل”.