يعيش الشارع التركي على وقع الحملات الانتخابية للمرشحين في اقتراع 14 ماي المقبل، الذي سيجمع بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية، على أن يكون، وفقا للمحللين، سباقا شديد التنافسية في ظل تقارب نتائج استطلاعات الرأي.
وتأتي هذه الانتخابات الحاسمة بعد كارثة زلزال السادس من فبراير الماضي الذي ضرب جنوب البلاد، واستمرار التضخم المرتفع مع تراجع الليرة أمام الدولار، وكذا في ظل اصطفاف أكبر أحزاب المعارضة وراء مرشح واحد، لأول مرة في تاريخها، وإعداد قوائم مشتركة للانتخابات البرلمانية.
ووفقا للجنة العليا للانتخابات، فإن أكثر من 64 مليون ناخب مدعوون للمشاركة في هذا الاقتراع، منهم قرابة 5 ملايين يحق لهم الإدلاء بصوتهم لأول مرة. ويخوض الانتخابات الرئاسية أربعة مرشحين، أبرزهم الرئيس الحالي للبلاد، رجب طيب أردوغان (69 عاما)، الذي يسعى إلى الفوز بولاية ثالثة، وهو مرشح عن “التحالف الجمهوري” الحاكم، الذي يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وحزب الوحدة الكبرى.
ثم يليه مرشح المعارضة البارز ومنافس أردوغان الرئيسي، كمال كليجدار أوغلو (75 عاما)، والذي تم ترشيحه من قبل “تحالف الأمة”، الذي يضم حزب الشعب الجمهوري (الذي يترأسه كليجدار أوغلو) وحزب الجيد، وحزب السعادة، وحزب الديمقراطية والتقدم، وحزب المستقبل، والحزب الديمقراطي.
وانضم إلى قائمة المرشحين في آخر لحظة وبعد تمكنهما من جمع 100 ألف توقيع، كل من زعيم حزب البلد، المنشق عن الشعب الجمهوري، محرم إنجه (59 عاما)، والمرشح عن تحالف “أتا” القومي، سنان أوغان (55 عاما).
في الوقت المناسب..
وأعطى أردوغان الانطلاقة الفعلية للسباق الانتخابي يوم 11 أبريل الجاري، حيث كشف النقاب عن حملته الانتخابية، أطلق عليها شعار ”في الوقت المناسب”، حيث وعد بمواصلة جهود بناء جنوب البلاد بعد الزلزال المدمر، كما تعهد بخفض التضخم إلى أقل من 10 بالمائة ودعم النمو الاقتصادي.
وقال أمام مؤيديه في أحد ملاعب أنقرة “سنواصل تنمية اقتصادنا من خلال الاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات والفائض الحالي. سنخفض التضخم إلى رقم في خانة الآحاد وسننقذ بلادنا بالتأكيد من هذه المشكلة”.
كما يركز أردوغان في حملته الانتخابية على المشاريع الكبرى التي يتم تدشينها مؤخرا، سواء في البنى التحتية والصناعات الدفاعية، مذكرا الناخبين بالإنجازات و”التحول العميق” الذي شهدته البلاد خلال العقدين الأخيرين تحت حكم العدالة والتنمية وحلفائها .
الطاولة السداسية..
أما كلجدار أوغلو، الذي يفضل اللقاءات المصغرة والتواصل مع الناخبين عبر فيديوهات يصورها من بيته وينشرها على حساباته في الشبكات الاجتماعية، فبرنامجه الانتخابي هو برنامج “الطاولة السداسية” التي انضوت بعد ذلك تحت لواء “تحالف الشعب”.
وكانت “الطاولة السداسية”، التي جمعت ستة أحزاب معارضة لتقديم مرشح وبرنامج موحد، قد كشفت عن برنامجها الانتخابي في يناير الماضي، والذي ينص، أساسا، على العودة إلى النظام البرلماني وتعزيزه، وإنهاء النظام الرئاسي، وتقليص صلاحيات الرئيس، واختيار رئيس وزراء ينتخبه البرلمان.
كما يتعهد برنامج كليجدار أوغلو بضمان استقلالية البنك المركزي وتحصينه من تدخلات السلطة التنفيذية، وكذا العودة إلى “اتفاقية إسطنبول” لمنع العنف ضد النساء والعنف الأسري ومكافحتهما، والتي انسحبت منها تركيا.
وإذا كانت المعارضة التركية تعول على كليجدار أوغلو لتوحيد أصواتها، جاء ترشح محرم إنجه ليربك صفوفها. وتتهمه أحزاب “الطاولة السداسية” بالمساهمة في تشتيت أصوات الناخبين مع تزايد الدعوات لإعلان انسحابه.
وإنجه، الذي سبق وخسر سباق الرئاسة ضد أردوغان في 2018، ولا يتوقع المحللون أن يحقق نتيجة مهمة في اقتراع 14 ماي، يبني برنامجه الانتخابي على ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا.
وكان قد أكد في عدة مناسبات أنه في حال فوزه في الانتخابات، فإنه سيعمل أولا على إغلاق الحدود مع سوريا، وثانيا ترحيل جميع السوريين من البلاد.
وهو نفس التوجه الذي يتقاسمه المرشح الرابع، سنان أوغان، الذي ترشح عن تحالف “أتا” (كلمة تعني الأسلاف أو الأجداد بالتركية)، وهو تحالف يضم أحزابا يمينية متطرفة، من قبيل “حزب النصر” الذي يتزعمه أوميت أوزداغ المعروف بمواقفه وتصريحاته العنصرية.
ويعتبر أوغان أن وجود السوريين في تركيا يشكل “تهديدا ديموغرافيا”، مضيفا أن “فرص العمل والنفقات الاجتماعية في تركيا ستصبح أكثر فاعلية بمجرد خلوها من السوريين والمهاجرين الآخرين”.
ووفقا لأحدث استطلاع أجراه مكتب (آريدا)، ونشرته يومية (ديلي صباح) الاثنين الماضي، يرتقب أن يفوز أردوغان بنسبة 50,8 بالمائة من الأصوات، بينما قد يحصل كليجدار أوغلو على 43,1 بالمائة من الأصوات.
وكشفت نتائج الاستطلاع، الذي أجري خلال الفترة من 12 إلى 14 أبريل وشمل 10 آلاف و136 شخصا، أنه من المتوقع أن يحصل محرم إنجه على 4,5 بالمائة من الأصوات، يليه سنان أوغان بـ 1,6 بالمائة.