يتصاعد الخِلاف التّجاري بين المغرب ومصر، وسط تراكم الملفّات العالِقة التي تعيق اِنسيابيّة التّبادل التّجاري بين البلديْن. ومع استمرار الإحتجاز الجمركي للبضائع المصريّة في الموانئ المغربيّة، وتقييد الصّادرات المغربيّة نحو السّوق المصريّة، يبدو أنّ هذا النّزاع مرشّح للمزيد من التّعقيد.

حاويات عالِقة وإجراءات مشدّدة

تشير المعطيات إلى أنّ العشرات من الحاويات المحمّلة بالمنتجات المصريّة ما زالت عالِقة في الموانئ المغربيّة منذ أسابيع، بسبب عدم مطابقتها للمعايير المحدّدة في “اتّفاقيّة أكادير”، التي تنص على التّبادل الحر بين المغرب ومصر وتونس والأردن. في المقابل، فرضت السّلطات المصريّة قيودًا صارمة على واردات السيّارات المغربيّة، من خلال تحديد “كوطة” لا يمكن تجاوزها، وذلك للحفاظ على احتياطي العملة الصّعبة.

السيّارات المغربيّة بين القيود المصريّة والتّصنيف التّرفيهي

في خطوة مثيرة للجدل، صنّف البنك المركزي المصري السيّارات المستوردة من المغرب ضِمن “السِّلع التّرفيهيّة”، ممّا أدّى إلى تقليص حجم الواردات المصريّة من السيّارات المغربيّة بنسبة 70%. هذا الإجراء ساهم في اختلال الميزان التّجاري بين البلديْن لصالح مصر، وهو ما دفع المغرب إلى إعادة النّظر في الواردات المصريّة الموجّهة إلى أسواقِه.

رسوم إغراق على المنتجات المصريّة

ردًّا على هذه القيود، شرعت الجمارك المغربيّة في مراجعة تدفّق المنتجات المصريّة إلى السّوق الوطنيّة، خاصّةً تلك التي تغرق الأسواق المغربيّة وتضر بالمنتجين المحليّين. وفي 24 دجنبر الماضي، فرضت وزارة الصّناعة والتّجارة المغربيّة رسوم إغراق على واردات الطّماطم المعلّبة المصريّة، بعد تحقيق كشف عن عدم تعاون الجانب المصري، ليتم تحديد هامش الإغراق بنسبة 39.93% ولمدّة 5 سنوات.

اِتّهامات بالتّلاعب بمنشَأ المنتجات

أحد الأسباب الرّئيسيّة التي دفعت المغرب إلى تشديد الرّقابة على السِّلع المصريّة هو اكتشاف عمليّات إعادة تصدير للمنتجات الصّينيّة بعد تغيير ملصقاتها إلى “صنع في مصر”. ويعتبر هذا الإجراء خرقًا لبنود إتّفاقيّة أكادير، التي تشترِط تطبيق قواعد المنشَأ التّراكمي لتعزيز التّجارة بين الدّول الأعضاء.

خِلاف قديم يتجدّد

هذه الأزمة التّجاريّة ليست وليدة اللّحظة، إذ سبق لوزير التّجارة والصّناعة المغربي السّابق حفيظ العلمي أن اِنتقَدَ، في 2021، العراقيل التي تضعها مصر أمام الصّادرات المغربيّة، خاصّةً السيّارات، كما اتّهمها بتزوير مَنشأ المنتجات لتسهيل دخول البضائع الصّينيّة إلى السّوق المغربيّة.

صَمت رسمي على خِلاف متفاقم

رغم تصاعد حِدّة التّوتّر التّجاري، تلتزم السّلطات المغربيّة والمصريّة الصّمت، وترفض الإدلاء بأي تصريحات رسميّة حول الأزمة. وفي ظِل غياب موقف رسمي واضح، تبقى العلاقة التّجاريّة بين البلديْن رهينة قرارات فرديّة قد تعمّق الخِلاف، في “حرب تجاريّة” غير معلنة، لكنّها تحمل تداعيات كبيرة على مستقبل التّعاون الإقتصادي بين البلديْن.